عالم وأديب

الكاتب محمد الكلابي.. رؤية تفتح الأسئلة ولا تغلقها

الكاتب محمد الكلابي

محمد الكلابي هو كاتب وصحفي عراقي يُقيم في المهجر ، ينشر في عدد من الصحف العراقية والعربية المستقلة يكتب في مجالات الفكر والنقد والثقافة ويهتم بالفلسفة بوصفها أداة تأمل وتحليل، لا منظومة مغلقة ولا خطاباً نخبوياً. لا يطرح مقالاته باعتبارها إجابات، بل باعتبارها أسئلة حيّة تمارس القلق، وتشقّ مسارات جديدة في الإدراك والمعنى.

يميل في كتاباته إلى تفكيك ما يبدو بديهياً واستنطاق ما يُعتبر مسلّمة، ويشتغل على مفاهيم مثل فقدان الذات، وتلاشي المعنى، وزمن الإنجاز كعبء، واللغة كقيد رمزي. يرى أن الكتابة ليست مهنة، بل مقاومة هادئة ضد التلقائي واليومي والمسلّم به، ويصف نفسه بأنه “يكتب لا ليُعبّر، بل ليفكّك… ليكشف وربما ليفصح”.

تتميّز مقالاته بأسلوب مكثف، ذكي، دقيق الصياغة، ينأى عن الإنشاء والاستسهال، ويجمع بين البلاغة والصرامة الفكرية. يشتبك من خلال نصوصه مع تحوّلات الإنسان المعاصر، ويسائل علاقة الفرد بالتقنية، والوعي، والحب، والزمان، والواقع بوصفه منتجًا ثقافيًا لا معطى طبيعيًا.

من مقولاته اللافتة: “أكبر جريمة ارتكبها الإنسان المعاصر في حق نفسه… قبوله بأن يتحوّل إلى وظيفة”، و”الجيل الحالي لا يحتاج إلى فلسفة جديدة، ولا إلى شتيمة… بل يحتاج إلى أن يفقد اليقين”. مثل هذه العبارات تعكس نظرته النقدية الحادّة، التي لا تكتفي بالوصف، بل تُسائل وتُربك وتدفع القارئ إلى إعادة النظر في مسلّماته.

محمد الكلابي لا يقدّم إجابات مطمئنة، بل يهزّ القارئ من يقينه. لا يطمئن إلى الخطاب العام، بل يكتبه ليخرّبه من الداخل وهو إذ يعيش بعيدا عن وطنه، لا يتعامل معه كمكان جغرافي، بل كفضاء تأمّلي حرّ، يسمح له بالكتابة.

صوته الفكري يبرز كواحد من الأصوات الجديدة التي تسعى إلى تجاوز الفكر الكلاسيكي نحو رؤى أكثر حيوية، وقلقاً، وجرأة. وهو لا يكتب ليقول ما يُقال، بل ليجرؤ على قول ما لا يُقال.

السابق
في إنتظار الحلاق
التالي
الخميس فرقة المسرح المصري تقدّم عرضين مختلفين في ليلة واحدة

اترك تعليقاً