يستعد الإذاعي الكبير خالد ناجي لإطلاق برنامج إذاعي جديد يتناول موسيقى الكانتري الأمريكية من بداياتها وحتى تطوراتها الحالية، وذلك ضمن دورة برامجية واحدة أو اثنتين متتاليتين.
يأتي هذا الاختيار من ناجي ليسلط الضوء على هذا النوع من الموسيقى الذي يرى أنه “لم يأخذ حقه في التغطية الكاملة”، وأن قليلين ما يعرفونه.
وبخبرته التي تمتد لأربعة عقود، ومسيرته التي جمعت بين الميكروفون والمترجم الفوري، وبين النص الأدبي والصورة الفوتوغرافية، يقدم ناجي رؤية عميقة لهذا اللون الموسيقي، الذي لطالما ظل في الظل رغم فرادته وتاريخه الممتد.
البرنامج الجديد ليس مجرد توثيق فني، بل رحلة صوتية بين الماضي والحاضر، يبحر خلالها المستمع في عوالم موسيقى الريف الأمريكي، عبر عين مصرية، وصوت إذاعي يعرف جيدًا كيف يصنع من كل نغمة قصة، ومن كل قصة إحساسًا.
يُعرف خالد ناجي بمسيرته المهنية والإنسانية الفريدة التي امتدت لما يقرب من أربعة عقود، نسج خلالها خيوطًا من اللغة والمعرفة والخبرة.
تخرج ناجي عام 1986 من قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، إحدى أعرق المؤسسات التعليمية في مصر.
بعد تخرجه مباشرة، التحق ناجي بالخدمة العسكرية في سلاح الحرب الإلكترونية، وهو مجال يتسم بالدقة والحساسية. خلال هذه الفترة، قام بمهام بالغة الأهمية شملت تشغيل أجهزة مراقبة الاتصالات اللاسلكية باللغة الإنجليزية عبر الترددات المختلفة. هذه التجربة لم تكن مجرد خدمة عسكرية عادية، بل صقلت لديه مهارات تحليلية وعملية ولغوية فائقة، وعلمته التعامل مع المعلومات الحساسة واتخاذ القرارات تحت الضغط، بالإضافة إلى إتقان لغوي حاسم في سياق أمني دقيق.
وفي عام 1987، بدأ ناجي رحلته المهنية كمذيع للغة الإنجليزية في “شبكة الإذاعات الموجهة”، ليصبح صوتًا ثقافيًا ينقل صورة مصر إلى شعوب العالم. لم تنفصل رحلته المهنية عن الأكاديمية، ففي عام 1989، حصل على درجة الماجستير من كلية الألسن، قسم اللغة الإنجليزية، في مجال الترجمة الفورية والتحريرية، مما أضاف بعدًا أكاديميًا متينًا لمسيرته.
وانتقل ناجي في عام 1990 إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل كبيرًا للمترجمين في الخدمات الطبية التابعة لوزارة الدفاع السعودية حتى عام 1997. بعد ذلك، عمل مدرسًا للغة الإنجليزية للضباط السعوديين في معهد اللغات للعسكريين بتبوك لمدة عامين.
وعند عودته إلى مصر في سبتمبر 1999، التحق ناجي بالعمل بسفارة الهند بالقاهرة، مترجمًا فوريًا وتحريريًا بالمركز الإعلامي للسفارة، وشملت صلاحياته إعداد تقارير حول الأوضاع السياسية للدول المجاورة وأعمال الترجمة الفورية والتتبعية.
وظل في هذا المنصب لأكثر من 25 عامًا حتى عام 2025، ليكون حلقة وصل ثقافية ومعرفية بين الشعبين المصري والهندي.
ومنذ عام 1999 وحتى الآن، عمل خالد ناجي أيضًا كمترجم فوري للمؤتمرات العلمية والسياسية، وهو مجال يتطلب منه دقة عالية وسرعة بديهة، وفهمًا عميقًا للفروق الدقيقة في الخطاب السياسي والدبلوماسي، وقدرة على استيعاب السياقات الثقافية والسياسية المختلفة.
وبين عامي 2000 و2004، عمل خالد ناجي كمعد برامج في قناة “النيل الدولية”، ومنذ عام 2004 وحتى الآن، لمع نجمه كمذيع باللغة العربية في البرنامج الموسيقي “من القاهرة”، أحد أعرق البرامج الإذاعية في مصر.
لم يكن مجرد مذيع، بل كان صوتًا يعزف على أوتار الذوق العام، مقدمًا مئات الحلقات التي استعرضت سير وأعمال كبار الموسيقيين، وعرّفت المستمعين بمختلف ألوان الموسيقى، ومن ضمنها موسيقى الكانتري.
وفي مجال الترجمة الفنية، برز اسم خالد ناجي كمترجم معتمد للعديد من الأفلام والمسلسلات، وكان آخر أعماله البارزة ترجمة الأجزاء الثلاثة من مسلسل “الاختيار”، كما ساهم في ترجمة كتاب “الهند ومصر… تأثيرات وتفاعلات” الذي يتناول التأثير المتبادل بين الحضارتين القديمتين.
إلى جانب كل ذلك، لخالد ناجي العديد من القصص القصيرة باللغة العربية التي تستكشف حالات إنسانية عميقة وتعبّر عن مشاعر مجتمعية بأسلوب سردي واقعي ووجداني، متناولًا الصراعات الداخلية والخارجية بأسلوب بسيط وأنيق.
إلى جانب مسيرته المهنية المتنوعة، أظهر خالد ناجي شغفًا كبيرًا بالتصوير الفوتوغرافي، حيث التحق بدورة متخصصة تعرف فيها على أنواع العدسات وقواعد التكوين والإضاءة وفن إخراج الصور الاحترافية، مما يضيف بعدًا إبداعيًا آخر لشخصيته وسعيه الدائم لاكتساب مهارات جديدة.
بهذه المسيرة الحافلة، يقف خالد ناجي اليوم كنموذج للمثقف المصري الذي جمع بين العلم والممارسة، والدقة والانتماء، مقدماً نموذجاً للعطاء المتواصل في خدمة الثقافة والإعلام.