غزة، الجرح المفتوح في قلب المنطقة، لا تعاني فقط من الحصار والعدوان المستمر، بل تواجه كذلك تبعات تغيّر المناخ في ظل غياب أبسط أدوات التكيّف. في مكان يُقصف ويُحاصر، تبدو العدالة المناخية رفاهية بعيدة، لكنها في الحقيقة ضرورة وجودية.
أزمة متعددة الأوجه
بينما يناقش العالم في المؤتمرات الدولية خفض الانبعاثات والتكيّف مع المناخ، يواجه سكان غزة واقعًا مأساويًا يتجاوز كل التوقعات:
البيئة المدمّرة: نتيجة القصف المتكرر، تلوّثت التربة والمياه الجوفية، وتضررت شبكات الصرف الصحي، ما زاد من تفشي الأمراض.
مياه غير صالحة للشرب: أكثر من 95٪ من المياه في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري، وهو وضع يتفاقم بفعل شحّ الأمطار وتلوّث البحر.
انعدام الأمن الغذائي: تغيّر المناخ أثّر على الزراعة في غزة، لكن الاحتلال والحصار جعل التكيّف مع هذه التغيّرات أمرًا شبه مستحيل.
ضعف البنية التحتية: لا كهرباء كافية، لا طاقة متجددة، ولا قدرة على بناء أنظمة إنذار مبكر أو مشاريع مقاومة للمناخ.
أين العدالة المناخية؟
العدالة المناخية تعني أن لكل الشعوب الحق في التكيّف مع تغيّر المناخ، بغضّ النظر عن ثرائها أو موقعها الجغرافي أو السياسي. لكن في غزة، تُسلب هذه الحقوق بسبب الاحتلال العسكري، والحصار الاقتصادي، وغياب التضامن الدولي.
كيف يمكن الحديث عن “انتقال عادل للطاقة” في مكان لا تصل فيه الكهرباء لأكثر من 4 ساعات في اليوم؟ كيف نطلب من الشباب في غزة أن يبدعوا في حلول بيئية، بينما هم يكافحون للبقاء أحياء؟
مسؤولية عالمية
إذا كانت العدالة المناخية تقتضي أن تتحمل الدول الكبرى مسؤولية ما سبّبته من تلوّث، فإنها كذلك تقتضي أن يُمنح الضعفاء فرصة للنجاة. العدالة المناخية يجب ألا تُختزل في التكنولوجيا والتمويل فقط، بل تشمل الحق في السلام، في الأرض، في الماء، وفي الأمل.
غزة لا تحتاج فقط إلى وقف إطلاق نار، بل إلى عدالة شاملة، بيئية وإنسانية. إن ربط النضال من أجل فلسطين بالنضال من أجل المناخ لا يُضعف أي منهما، بل يكشف الحقيقة: لا توجد بيئة سليمة دون حرية، ولا عدالة مناخية دون عدالة سياسية.