في زمنٍ تتسابق فيه التكنولوجيا والمعادن النادرة على خطف الأنظار، يبقى للكهرمان بريقه الخاص، ليس حجرًا كريمًا بالمعنى التقليدي، بل هو شظية من الماضي، تحمل بين طبقاتها أسرار آلاف السنين، وتشهد على تطورات الأرض والطبيعة والإنسان.
وأوضحت جراند ماستر لبنى أحمد استشاري العلاج بالطاقة الحيوية والأحجار الكريمة بخير أن الكهرمان ليس معدنًا، بل مادة عضوية متحجرة نتجت عن تحجر صمغ أشجار الصنوبر وبعض الأشجار الأخرى منذ أكثر من 30 إلى 50 مليون عام.
بفضل لونه الذهبي الشفاف أو المائل إلى العسلي، أُطلق عليه “الذهب الحي”، واعتبره البعض دموع الشمس، بينما أطلق عليه الإغريق اسم “إلكترون” لقدرته على توليد الكهرباء الساكنة عند فركه.
وتابعت لبنى احمد حديثها عن حجر الكهرمان وقالت إن المصريون القدماء عرفوه وأطلقوا عليه اسم “سخمت”، واستخدموه في التمائم الجنائزية وقلادات الكهنة، كما عثر عليه في مقابر الفراعنة كرمز للحماية الأبدية.
وفي العصور الرومانية، كان الكهرمان أغلى من الذهب، وتباهى به النبلاء في أوروبا، حيث كانوا يصنعون منه حُليًّا ومسابح وتماثيل صغيرة.
وأكدت لبنى أحمد أن الكهرمان يمتلك طاقة شفائية، ومن أبرز فوائده تهدئة آلام التسنين عند الأطفال، وتقوية المناعة وتوازن الطاقة في الجسم.
كما أنه يزيد من الطاقة الذهنية ويزيد من الطاقة العلاجية في منطقة الرئتين والقلب لأنه يزيد من دخول الأكسجين إلى الرئتين ومنها إلى المخ وبالتالي الطاقة الذهنية تزيد بالتبعية والتنفس يكون أفضل وعضلة القلب تعمل بقوة.
وعرف الكهرمان بأنه حجر الثروة لهذا السبب لأنه يقوي من الطاقة الذهنية والقلب والعقل فبالتالي هو يحسن القدرة على التواصل مع الآخرين وتوليد أفكار جديدة ومبتكرة وذكية التي تزيد طاقة المال، فهو بمجرد وضعه بجانب الإنسان أو اقتناؤه يغير لون الهالة المحيطة بالإنسان إلى اللون الأصفر أو الذهبي، فيجعل الإنسان محبب للعمل معه والتعاون معه من الجانب التجاري والمهني ولهذا السبب سمي بحجر الثروة.
ويُستخدم كمضاد للالتهابات، وخاصة التهابات المفاصل والعظام، ولان لونه أصفر وكثافته عالية فهو يزيد من كثافة العظام ويزيد من سرعة التئامه و قوته ويعالج الهشاشة، ويقوي المناعة ويعالج الصفراء عند الأطفال الرضع.
تتعدد أنواع الكهرمان حسب مصدره الجغرافي ولونه ودرجة نقاوته، هذا ما أكدته لبنى أحمد وقالت هناك الكهرمان البلطيقي وهو الأشهر والأغلى، يتم استخراجه من منطقة بحر البلطيق (بولندا، ليتوانيا، روسيا).
وهناك ايضا الكهرمان الدومينيكاني وهو شفاف وغالبًا ما يحتوي على حشرات متحجرة بداخله.
وهناك ايضا الكهرمان السوري واللبناني وهو أقل شهرة لكنه متداول في الأسواق العربية.
في العالم العربي، لا يزال الكهرمان يحتل مكانة مرموقة بين مقتنيات الرجال والنساء على حد سواء، سواء كمسابح فاخرة أو أحجار للزينة وذلك لان ارتداءه يجلب الهدوء والسكينة ويصد الحسد والطاقة السلبية.
ويُعدّ الكهرمان من السلع الفاخرة في بعض الدول الخليجية، إذ تصل أسعار بعض القطع الأصلية إلى آلاف الدولارات، خصوصًا إذا احتوت على شوائب طبيعية أو كائنات متحجرة.
مع انتشار الغش التجاري، بات من الضروري معرفة الفرق بين الكهرمان الطبيعي والصناعي، وأكدت لبنى أحمد أن من أهم الاختبارات:
اختبار الحرارة: الكهرمان الحقيقي يعطي رائحة تشبه الصنوبر عند التسخين.
اختبار الماء المالح: الكهرمان يطفو في الماء المالح بينما يغوص البلاستيك.
اختبار الأشعة فوق البنفسجية: يظهر توهجًا أزرق أو أخضر.
وارتبط الكهرمان بالعديد من القصص والأساطير، ففي روسيا، هناك “غرفة الكهرمان” الشهيرة، وهي غرفة كاملة مصنوعة من ألواح الكهرمان واعتُبرت ثامن عجائب الدنيا، لكنها فُقدت خلال الحرب العالمية الثانية.
يبقى الكهرمان حجرًا استثنائيًا، ليس فقط لجماله الطبيعي، بل لكونه شاهدًا على التاريخ وجزءًا من ذاكرة الطبيعة، وفي زمن يبحث فيه الإنسان عن الجمال والطاقة والسلام، لا يزال الكهرمان يحمل كل ذلك وأكثر، في قطعة صغيرة تنبض بالحياة، رغم مرور آلاف السنين.