التعليم
أخر الأخبار

الأعياد والمناسبات في مصر ((ظاهرة صحية))

الأعياد والمناسبات في مصر

((ظاهرة صحية))

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:

فمن الظواهر الصحية التي تتميز بها أرض مصر؛ كثرة الأعياد والمناسبات الموجودة على أرضها مابين أعيادٍ ومناسبات فرعونية، وأعيادٍ ومناسباتٍ قبطية مسيحية، وأعيادٍ ومناسباتٍ إسلامية.

فإقامة هذه الأعياد والاحتفال بتلك المناسبات ظاهرةٌ صحية تدل على تماسك وتلاحم المجتمع المصري بجميع طوائفه ودياناته، ودليلٌ وعلامةٌ على انتشار السلم المجتمعي والتعايش السلمي في أنحاء وربوع مصر العامرة، وهذا في حدّ ذاته علامة على تمسك وتطبيق المسلمين من أهالي مصر بمبادئ دينهم الحنيف وشريعتهم الإسلامية السمحة.

فمما تميزت به الشريعة الإسلامية؛ أنها دعت إلي السلام المحلي والعالمي، وأرست قواعدَه ضمن جملة من التشريعات والأحكام لا يعرف لها مثيل في الرسالات السماوية السابقة، ومن جملة هذه التشريعات؛ الدعوة إلى إفشاء السلام.

وإفشاء السلام يعني: إظهاره، وإذاعته، ونشره بين الأفراد، والمجتمعات، والأمم، وقد حثتنا الشريعة الإسلامية على إفشاء السلام على لسان النبي (صلى الله عليه وسلم)، الذي قال: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ)(رواه مسلم).

وإفشاء السلام أعمُّ من مجرد إلقاء التحية و التسليم باللسان، إنه معنى شاملٌ لكل معاني السلامة، والأمن والطمأنينة على النفس، والدين، والمال، والأرض، والعرض، فهو متعدد الصور، والأشكال، والألوان في الشريعة الإسلامية، ومن هذه الصورة

والأشكال:
إفشاء السلام عمليًا: أي: تطبيقه واقعًا حسّيّا ملموسًا على أرض الواقع، وذلك لا يتأتى إلا بإشاعة الأمن والطمأنينة في المجتمعات، والبلدان، والأوطان، وذلك بالمحافظة على الأرواح، والأديان، والأموال، والأعراض، وعدم الإيذاء بدون تفرقة بين المسلم وغيره، وهو ما يعرف ويسمى بالمواطنة (أي: تمتع كل إنسان بحقوقه وأداء ما عليه من واجبات بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه وثقافته) ـ

والترجمة الواضحة لكل ذلك ما نراه من إقامة المناسبات والأعياد لجميع الفرق والطوائف والديانات، بدون تحجيرٍ على أحد، أو منعٍ لأحد، لدرجة أنه في بعض المناسبات والأعياد تحدث مشاركات بين الجميع في هذه الأعياد وتلك المناسبات بدون تفرقة بين دين وأخر، فقد أضحت تلك المناسبات مناسبات مجتمعية وليست دينية، وهكذا ينظر المجتمع إليها الأن.

لقد دعا القرآن الكريم جميع شعوب الأرض للتعارف والتآلف، وبيّن لهم أنهم جميعًا خلقوا من أصلٍ واحدٍ، وهذا مدعاة للألفة، والتعايش السلمي، وإفشاء السلام المجتمعي والعالمي فيما بينهم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13]، كما أمر الإسلام أتباعه بالإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، وذلك

مدعاة أيضا لإفشاء السلام المجتمعي والعالمي، باحترام جميع الرسالات التي جاء بها الأنبياء، قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة:285]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ (أخوة لأب)، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) (رواه البخاري)

إن إفشاء السلام مجتمعيًا وعالميًا مطلبٌ إنساني لجميع البشر بغض النظر عن عقائدهم، وأجناسهم وألوانهم، ولا غنى للبشرية عنه؛ فبدونه لا تستقيم الحياة البشرية، ولا تستقيم عمارة الأرض، ولا تبني الحضارات، ولا يتحقق التقدم والرخاء، و بدونه لا يأمن الناس على أرواحهم، و لا على أموالهم، و لا أعراضهم، فالحروب تأكل البشر وتفنيهم كما أنها تأكل الأخضر واليابس علي وجه الأرض، ولنا فيما خلفته الحربان العالميتيين الأولي والثانية درس وعبرة فقد مات بسببهما مئات الألوف من البشر، وتشرد مئات الألوف، ودمرت مدن ودول بأكملها، بدون السلام العالمي لاتتواصل الأمم ولا الحضارات، ولا نستطيع نقل الثقافات والمعارف، و لا نستطيع تبادل الخبرات.

الأعياد والمناسبات في مصر  ((ظاهرة صحية))

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
دكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب

تابع مواضيع أخرى للمجلة

لماذا لم يذكر الله النساء في القرآن

كيف تكون دائما على ثقة في الله؟ ((الله أمرك بهذا))

ماسة الفن التشكيلى رحاب السيد عبد العظيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى