التعليم
أخر الأخبار

كيف نطبق حقوق الجيران في واقعنا المعاصر

كيف نطبق حقوق الجيران في واقعنا المعاصر

(ثمانيةٌ من حقوق الجيران)

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:

((تطبيق حقوق الجيران يمنع كثيرًا من المشكلات))

فكثيرًا ما تطلعنا الصحف اليومية ونشرات الأخبار عن جرائم كثيرة بين الجيران وبعضهم البعض بعضها يتعلق بالشرف والعرض، وبعضها يتعلق بالأطفال ولعبهم، وبعضها بالعلاقة بين النساء…الخ، وفي الحقيقة فإن السبب في ذلك كله هو عدم المعرفة لحقوق الجيران، وعدم التطبيق لها ـ بعد معرفتها ـ كما حثتنا الشريعة الإسلامية، وقد جاءت حقوق الجيران في الشريعة الإسلامية كالتالي:

1. الإحسان إليهم، وإكرامهم بالهدية ونحوها: قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}[النساء:36]، وعن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما)، أنه ذبح شاة فقال: أهديتم لجاري اليهودي، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) (رواه أبو داود)، وعن أبي ذر (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ) (رواه مسلم)، وقال (صلى الله عليه وسلم ): (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ)(مسند أبي يعلى).

2. عدم إيذائهم بأي نوعٍ من أنواع الإيذاء حسيًا كان أم معنويًا: قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ). (متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه ): (وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ). قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: (الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ) (متفق عليه)، (بوائقه) جمع بائقة وهي الظلم والشر والشيء المهلك، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم): يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها؟. فقال: رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ). وفلانة تصلي المكتوبة وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا؟. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (شعب الإيمان)، (الأثوار) جمع ثور وهو القطعة من الأقط (اللبن المجفف).

3. الصبر على إيذائهم: فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يشكو جاره، فقال: (اذْهَبْ فَاصْبِرْ). فأتاه مرتين أو ثلاثا، فقال: (اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ). فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به، وفعل، وفعل، فجاء إليه جاره فقال له: ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه. (رواه أبو داود).

4. المحافظة على أموالهم، وأعراضهم وحرماتهم: فعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي الذنب أعظم عند الله؟. قال: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ). قال: قلت له: إن ذلك لعظيم، قال: قلت: ثم أي؟. قال: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ). قال: قلت: ثم أي؟. قال: (ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ) (متفق عليه)، (أن تزاني حليلة جارك) زوجته سميت بذلك لكونها تحل له، وقيل: لكونها تحل معه، ومعنى (تزاني) تزني بها برضاها وذلك يتضمن الزنى وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني وذلك أفحش وهو مع امرأة الجار أشد قبحا وأعظم جُرما؛ لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويطمئن إليه وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن غيره منه كان في غاية من القبح، وعن المقداد بن الأسود (رضي الله عنه)، سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه عن الزنا؟ قالوا: حرام، حرمه الله ورسوله، فقال: (لِأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ). وسألهم عن السرقة؟ قالوا: حرام، حرمها الله عز وجل ورسوله، فقال: (لِأَنْ يَسْرِقَ مِنْ عَشَرَةِ أَهْلِ أَبْيَاتٍ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ بَيْتِ جَارِهِ) (المعجم الكبير للطبراني).

5. قبول هديتهم أيا كانت، وعدم تحقيرها: فقد قال (صلى الله عليه وسلم): (يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ) (متفق عليه)، (لا تحقرن) لا تستصغرن شيئا تقدمه هبة فتمتنع منها. (ولو فرسن شاة) بكسر الفاء والسين وهو الظلف، قالوا: وأصله في الإبل وهو فيها مثل القدم في الإنسان، ويطلق على الغنم استعارة، وهذا النهي عن الاحتقار نهي للمعطية المهدية ومعناه لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها لاستقلالها واحتقارها الموجود عندها بل تجود بما تيسر ولو كان قليلا كفرسن شاة وهو خير من العدم، وبالمفهوم هو للمهدى إليها أيضا وعليها أن تتقبل الهدية ولو كانت قليلة.

6. التعاون معهم بدون ضرر ولا ضرار: فقد قال (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ) (متفق عليه)، (يغرز خشبه) يضع خشب سقف بيته أو غيرها.

7. ثبوت حق الشفعة (حق تملُّك جبريّ يثبت للشّريك القديم على الشّريك الجديد فيما استملكه بعِوَض ماليّ مُسمّى بينهما) لهم: فعن عمرو بن الشريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه)، فجاء المسور بن مخرمة (رضي الله عنه)، فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع (رضي الله عنه) مولى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا سعد ابتع مني بيتي في دارك؟، فقال سعد: والله ما أبتاعهما، فقال المسور: والله لتبتاعنها، فقال سعد: والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة، أو مقطعة، قال أبو رافع: لقد أعطيت بها خمس مائة دينار، ولولا أني سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (الجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ). ما أعطيتكها بأربعة آلاف، وأنا أعطى بها خمس مائة دينار، فأعطاها إياه. (رواه البخاري)، (ابتع مني) اشتر مني. (بيتي في دارك) بيتي الكائن في دارك والمراد بالبيت الغرفة. (منجمة) مؤجلة تعطى شيئا فشيئا. (بسقبه) ما قرب من داره ويقال الصقب أيضا.

8. عدم مقاطعتهم لأمرٍ من أمور الدنيا: فعن أبي عامر الحمصي قال: كان ثوبان (رضي الله عنه) يقول: (مَا مِنْ رَجُلَيْنِ يَتَصَارَمَانِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَيَهْلِكُ أَحَدُهُمَا، فَمَاتَا وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمُصَارَمَةِ، إِلَّا هَلَكَا جَمِيعًا، وَمَا مِنْ جَارٍ يَظْلِمُ جَارَهُ وَيَقْهَرُهُ، حَتَّى يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، إِلَّا هَلَكَ) (الأدب المفرد).

كيف نطبق حقوق الجيران في واقعنا المعاصر

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان

كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب

مواضيع أخرى للمجلة

10 فوائد صحية مدهشة لـ”الزنجبيل” عليك معرفتها

فوائد زيت الزيتون للشعر —خبيرة التجميل تيسير فهمى

ملكيه الزوجه للنفقه — النفقه في الشرع و القانون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى