العقود
تطبيق قانون إرادة المتعاقدين علي الالتزامات التعاقدية .
يقصد باصطلاح قانون إرادة المتعاقدين في القانون الدولي الخاص أنه في مجال تنازع القوانين بشأن العقود يؤخذ بالقانون الذي اختاره المتعاقدان صراحة أو ضمنا .
و أساس إعمال قانون إرادة المتعاقدين هو احترام تلك الإرادة إذ من الطبيعي و المعقول أن يصبح في مقدور المتعاقدين إذا أنشئا فيما بينهما رابطة التزام اختيار القانون الذي يحكم هذه الرابطة أو العلاقة من حيث الصحة ومن الاثار .
**** الإرادة الصريحة و الإرادة الضمنية :-
الإرادة الضمنية هي التي يستخلصها القاضي من ظروف التعاقد فيمكنه أن يستشف هذه الإرادة من استعمال المتعاقدين لاصطلاحات معروفة في قانون معين أو كتابة العقد بلغة معينة أو انتماء طرفي العلاقة لجنسية دولة معينة أو اشتراط الدفع بعملة معينة أو اشتراط تنفيذ العقد في إقليم .
و أما إذا لم يصرح المتعاقدان بإرادتهما في شأن تحديد القانون الذي يحكم العقد و كانت ظروف الحال لا يتم عن إرادتهما الضمنية في هذا الشأن فقد جري الفقه و القضاء علي تعيين القانون الواجب التطبيق علي العقد بالنظر إلي ما كان يقصده المتعاقدان فيما لو صرفا إرادتهما إلي تحديد القانون الذي يحكم العقد .
و يري بعض الشراح أن يأخذ بالإرادة المفروضة يخرج العقد في هذه الحالة من مجال إرادة المتعاقدين إذ حاصل الأمر هو أن إرادة القاضي هي التي تعين القانون الواجب التطبيق و ليس إرادة المتعاقدين.
*** نطاق تطبيق قانون إرادة المتعاقدين:-
و هذا المجال هو التزامات التعاقدية علي العموم و من ثم فإذا اختار المتعاقدان قانونا معينا صراحة أو ضمنا فيجب تطبيق هذا القانون علي العقد من كافة نواحيه فيما عدا الأهلية و الشكل و هما مسألتان لا تدخلان في الحقيقة في نطاق العقود بحيث يسري هذا القانون بالنسبة لأركان الانعقاد و شروط الصحة و الإثبات و ترتيب الاثار .
و علي ذلك فأن حرية المتعاقدين هنا ليست مطلقة بل هي تخضع لقيدين هما خضوع العقود للرقابة الإدارية بحيث تلفت في حدود هذه الرقابة من أحكام القانون العام للعقود و يستبعد القانون الواجب التطبيق عملا بإرادة المتعاقدين إذا ثبت أن أعماله قد تم غشا نحو القانون أو إذا كان القانون الاجنبي الذي اختير تتجافي أنظمته مع الأنظمة الأساسية في قانون القاضي و ذلك أخذا بفكرة النظام العام .
**** سريان قانون دولة الموطن المشترك أو قانون الدولة التي تم فيها العقد :-
إذا لم يتفق المتعاقدان علي القانون الذي علي العقد أو تبين من الظروف أن قانونا آخر هو الذي يراد تطبيقه فإنه يتعين التفرقة في تحديد القانون الذي يسري علي الالتزامات التعاقدية بين حالتين هما:-
1-إذا كان يوجد موطن مشترك للمتعاقدين أي موطن واحد فإنه يسري علي الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد بها موطن المشترك.
2-إذا كان لا يوجد موطن مشترك للمتعاقدين و إنما كان لكل منهما موطنا مستقلا فإنه يسري علي الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يتم فيها العقد أي التي أبرم فيها العقد .
**** مجال تطبيق قانون الإرادة أو ما يحل محلها علي مختلف نواحي العقود :-
يخرج من مجال قانون الإرادة و ما يحل محلها و هو ما يطلق عليه “قانون العقد” بكل ما يتعلق بالشكل و أهلية المتعاقدين .
و أن المشرع يقصد بالالتزامات التعاقدية هو إخضاع كل ما يتعلق بالرابطة التعاقدية من حيث تكوينها و آثارها لقانون واحد و هذا هو قانون الإرادة أو قانون العقد حيث أنه يثير بعض المسائل و هي :-
أولا :- تكوين العقد :-
1-التراضي:- قانون العقد هنا الذي يسري علي كل ما يتصل بالتعبير عن الإرادة حيث يري بعض الفقه علي عدم خضوع السكوت و مدي اعتباره تعبيرا عن القبول لقانون العقد و وجوب إخضاعه لقانون مركز أعمال من وجه إليه الإيجاب أو قانون محل إقامته و القول بغير ذلك من شأنه مفاجأة من وجه إليه الإيجاب بحكم لا يعرفه.
2- المحل:- يحدد قانون الشروط الواجب توافرها في المحل من حيث الوجود و إمكان الوجود فقد يكون شيئا مستقبلا عملا أو امتناعا عن عمل و من حيث الإمكان فيجب أن يكون ممكنا و ليس مستحيلا و من حيث التعيين و من حيث عدم مخالفة المحل للنظام العام أو الأداب العامة بأن يكون قابلا للتعامل فيه وفقا لقانون العقد و لقانون محل التنفيذ و لقانون القاضي فإن كان التعامل في المحل مشروعا وفقا لقانون العقد و لقانون التنفيذ في حين يعتبر غير مشروع في قانون القاضي التزام القاضي بتطبيق قانونه .
3-السبب :- و هو خضوع سبب العقد بدوره لقانون العقد فهو يخضع له من حيث وجوده و مشروعيته غير أنه يلاحظ وجوب مشروعية السبب كذلك وفقا لقانون القاضي و إلا تعين استبعاده قانون العقد لتعارضه مع النظام العام .
ثانيا :- آثار العقد :-
1-آثار العقد بالنسبة للأشخاص:- تخضع للقانون الذي يحكم العقد و علي ذلك فإنه يتعين الرجوع إلي هذا القانون لمعرفة الملتزمين بالعقد و المستفيدين منه سواء كانوا من المتعاقدين أو من الغير علي أن مدي انصراف أثر العقد إلي الخلف العام يدخل في مجال إعمال القانون الذي يحكم الميراث أما أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص فهو يعد وفقا لرأي البعض داخلا في مضمون الفكرة المسندة بينما يري بعض الفقه أن هذا الأثر يخضع لقانون موقع المال.
و أيضا أحكام التعهد عن الغير و الاشتراط لمصلحة الغير و كذلك حق الدائنين في الطعن في العقد بالدعوي البوليصية و علي حقهم في رفع الدعوي غير مباشرة.
2-آثار العقد بالنسبة للموضوع :- يسري قانون العقد علي موضوع العقد فيرجع لهذا القانون لمعرفة مضمون الالتزامات التي يولدها العقد و أحكامه و تنفيذ هذه الالتزامات يخضع بدورة للقانون الذي يحكم العقد و أيضا يحكم العقد كذلك التضامن و عدم قابلية الدين للانقسام .
و تخضع أوصاف الالتزام لقانون العقد فهو الذي يبين مدي صحة الشرط و أثر تحققه و تخلفه و يخضع كذلك العقد انتقال الالتزام سواء هذا الانتقال إيجابيا أو سلبيا
و أيضا يحكم قانون العقد أسباب انقضاء الالتزام فهو يحكم الوفاء أو التنفيذ الاختياري و شروط صحته .
و يحكم كذلك قانون العقد الإبراء فهو يتكفل ببيان ما إذا كان إرادة الدائن وحدها تكفي للإبراء أم أنه يتعين لذلك إبرام اتفاق جديد و أيضا التقادم .
و أما عن انقضاء الالتزام بالتقادم المسقط يخضع لقانون موطن المدين .
و للحديث بقية أن شاء الله