التعليم
أخر الأخبار

وقفات مع شهر شعبان المبارك

وقفات مع شهر شعبان المبارك

(مكانته، وفضله، والعمل فيه)

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فمن رحمة الله عزّ وجلّ بخلقه أن جعل لهم مواسم للخيرات يصّبُ عليهم فيها الرحمات والبركات صبّا، ويضاعف لهم فيها الحسنات على الطاعات والعبادات نعمة وفضلا، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) (المعجمين الكبير والأوسط)، فالعاقل هو من يجدد فيها النشاط، ويسارع إلى الخيرات ليتقرب إلى رب الأرض والسموات.

ومن تلك الأيام المباركات شهر شعبان الذي هلّ علينا منذ ساعات معدودة، وشهر شعبان سمي بهذا الاسم لتشعب خصال الخير والبركة والرحمة فيه، وقيل: لتشعب القبائل العربية فيه لقتال بعضها البعض.
فتعالوا بنا أيها الأحباب لنقف معه وقفات سريعة في هذا المقال، كالتالي:
((مكانة شعبان))

شهر شعبان يتمتع بمكانة عالية ومنزلة سامية بين الشهور القمرية، وهذه المكانة مأخوذة من الأحداث العظيمة التي وقعت فيه، ومن موقعه بين الشهور، كالتالي:

1. كثرة صيام النبي (صلى الله عليه وسلم) له، ولي مقال خاص عن أسباب ذلك إن شاء الله، عائشة (رضي الله عنها) وقد سئلت عن صيام النبي (صلى الله عليه وسلم): (كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (رواه مسلم).

2. ورد في حديث ضعيف أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (رَجَبُ شَهْرُ اللَّهِ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي، وَرَمَضَانُ شَهْر أمَّتِى) (الترغيب والترهيب لقوام السنة)، فقد نسبه النبي (صلى الله عليه وسلم) إليه لنزول قول الله (عزّ وجلّ) فيه: {}[الأحزاب:56]، ولتحويل القبلة فيه، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}[البقرة:144].

3. وقوعه قبل شهر رمضان فهو كالتوطئة والتمهيد له، ولذا قالوا: رجب شهر البذر، وشعبان شهر الري (السقي)، ورمضان شهر الحصاد.

4. فيه ليلة عظيمة مباركة، ألا وهي ليلة النصف من شعبان، ولنا إن شاء الله مقال كامل حول فضلها والعبادة فيها، وكيف نحييها.

5. تعرضُ فيه الأعمال عرضًا سنويًا على الله (عزّ وجلّ)، قال (صلى الله عليه وسلم): (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) (رواه النسائي).
((العمل في شعبان، وكيف نحييه))

لاشك أن خير الهدي هدي النبي (صلى الله عليه وسلم)، وخير العمل هو الامتثال به (صلى الله عليه وسلم)، والاقتداء بهديه، وقد علمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) خطوطًا عريضة للعبادة والطاعة نتبعها طوال أيام العام، وخصّ بعض الشهور وبعض الأيام بعبادات وطاعات، ولنفصل ذلك من خلال شهر شعبان، كالتالي:
1. من الخطوط العريضة للعبادة والطاعة طوال العام، أن نؤدي الواجبات والفروض التي علينا سواء أكانت متعلقة بحق الله أم بحقوق البشر، فلا أفضل عند الله من التقرب إليه بما افترضه علينا، قال (صلى الله عليه وسلم) متحدثًا عن رب العزة تبارك وتعالى: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ…) (رواه البخاري).

وقفات مع شهر شعبان المبارك

2. كثرة صيام شعبان كما كان من المصطفى (صلى الله عليه وسلم).

3. إحياء ليلة النصف من شعبان، كما كان يفعل كثير من السلف الصالح.

4. استصحاب العبادات والطاعات التي تؤدى في شهر رمضان، من الترفشهر شعبان كالمقدمة لشهر رمضان، وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه): (كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا اسْتَهَلَّ شَعْبَانُ أَكَبُّوا عَلَى الْمَصَاحِفِ (أي: قرأوها)، وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ فَقَوُّوا بِهَا الضَّعِيفَ وَالْمِسْكِينَ عَلَى صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَعَا الْمُسْلِمُونَ مَمْلُوكِيهِمْ فَحَطُّوا عَنْهُمْ ضَرَائِبَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَعَتِ الْوُلَاةُ أَهْلَ السُّجُونِ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَقَامُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا خَلُّوا سَبِيلَهُ) (الترغيب والترهيب).

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان

كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى