حكايات وخواطر

الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر

الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر

الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر.

 

 

الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر
الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر

بقلم : محمد سامى فوزى.

الأمير العاشق الذى رفض عرش مصر

شهد تاريخ مصر حلقات من الصراع على الحكم بسيناريوهات مختلفة لكن رجلاً واحداً كسر القاعدة ورفض عرش مصر رغم مشروعية توريثه بإتفاق الشعب والباب العالى بل و الإحتلال أيضاً، وهذه الواقعة الأستثنائية سقطت تقريباً من ذاكرة المصريين ولم يكن هذا الرجل سوى الأمير كمال الدين حسين هو أبن السلطان حسين كامل وولى عهده ووالدته الأميرة عين الحياة إبنة الأمير أحمد رفعت باشا، ولد الأمير فى 20 ديسمبر عام 1874 بالقاهرة و لُقِّب بـصاحب السموّ السلطانى بمقتضى قانون ملكى من الملك فؤاد بمنح لقب صاحب السموّ السلطانى لأنجال السلطان حسين كامل، هم الأمير أحمد كاظم والأميرة كاظمة والأميرة كاملة.

السلطان حسين كامل أراد أن يخلفه أبنه على العرش وأتفق مع الإنجليز على ذلك، وكانت المفاجأة المدوية أن أعتذر كمال الدين حسين عن قبول العرش وسجل ذلك في وثيقة رسمية تعتبر إحدى عجائب تاريخ مصر الحديث فما سمعنا عن إنسان يرفض عرشاً، وهذه الوثيقة لم تكن سوى رسالة أرسلها الأمير كمال لوالده في 8 أكتوبر عام 1917 أي قبل يوم واحد من وفاة السلطان حسين.

ومما جاء فيها: «يا صاحب العظمة السلطانية ذكرتمونى عظمتكم بما أتفقتم عليه مع الحكومة البريطانية الحامية وقت أرتقاء عظمتكم عرش السلطنة المصريةمن تأجيل وضع نظام وراثة العرش السلطانى إلى ما بعد بحثه وقد تفضلتم عظمتكم فأعربت لى عن رغبتكم في أن تكون وراثة عرش السلطنة المصرية منحصرة في الأكبر من الأبناء ثم من بعده لأكبر أبنائه وهكذا على هذاالترتيب وإنى لأذكرعظمتكم هذه المنة الكبرى لما في هذه الرغبةمن التشريف لى على أنى مع إخلاصى التام لشخصكم الكريم وحكمكم الجليل مقتنع كل الأقتناع بأن بقائى على حالتى الآن يمكننى من خدمة بلادى بأكثر مما يمكن أن أخدمها به في حالة أخرى، لذلك أرجو من حسن تعاطفكم أن تأذنوا لى أن أتنازل عن كل حق أو صفة أو دعوة كان من الممكن لى أن أتمسك به في إرث عرش السلطنة المصرية بصفتى أبنكم الوحيد وأنى لا أزال لعظمتكم السلطانية النجل المخلص والعبد الكثير الاحترام.

وكان الأمير كمال الدين حسين متزوجاً من الأميرة نعمت الله توفيق إبنة الخديوي توفيق، ولم يرزق منها بأطفال ولكنها كانت متزوجة قبلا من النبيل عادل طوسون ورزقت منه بأبن أسمته جميل طوسون، وكان الأمير كمال الدين حسين مهتماً كثيراً بالرحلات عبر الصحراء والسفر إلى بلدان شتى في العالم، وجمع التحف الشرقية ولم يمضِ من وقته في القصر الكثير ولم يهتم بأمور الدولة، ثم أتجه الأمير إلى الطرق الصوفية الدينية الألبانية ودعمهم دعماً كبير، وكان قصره مقر للقاءات بينهم، وبعد فترة هجر الحياة العامة وأصبح بلا طموحات،وتخلى عن العرش قبل ساعات من وفاة والده لعمه فؤاد وعم زوجته، على أمل أن يكون هذا شيء يقرّبهم من بعض أكثر .

ويذكر للأمير يوسف كمال إنشاؤه لمدرسة ( كلية الآن ) الفنون الجميلة ورئاسته لجمعية محبي الفنون الجميلة وتبرعه للمتاحف بالتحف التي يمتلكها وقيامه بوضع أطلس لأفريقيا وطباعته على نفقته بالخارج، كما أنه كان محب ( للحظ كانوا يسمون الفن حظ ) فكان يدعو سامي الشوا عازف الكمان و محمد عبد الوهاب لإحياء السهرات في سرايا المطرية.

وهناك روايات أخرى تفسر سر تنازل الأمير كمال الدين حسين ولي عهد مصر و أبن السلطان حسين كامل عن عرش مصر تقول أن أسباباً رومانسية وقصة حب حقيقية لسيدة فرنسية تدعي (مدام فيال ديمنييه) كانت وراء رفضه عرش مصر وقد دخل الأمير كمال الدين حسين مستشفي (الأنجلو أمريكان) بالقاهرة في حالة صحية متدهورة وأصر الأطباء على بتر إحدى قدميه حيث كان مصاباً بجلطة في قدمه، ولكن الأمير طلب تأجيل العملية إلى حين يكتب وصيته التي أوصي فيها بقصره لزوجته (نعمة الله).

وبعد إجراء العملية وقبل أن يتماثل للشفاء أصرَّ على السفر إلى فرنسا رغم رفض الأطباء وسافر ضاربا بكل النصائح الطبية عرض الحائط، وتوفي هناك في 6 أغسطس 1932 بعد حوالي 4 شهور من إجراء العملية، وبعد وفاته بدأ يتكشف سر تنازله عن العرش، حين أرسلت سيدة فرنسية تدعي فيال ديمنييه ، تلغرافاً إلى الملك فؤاد تخبره أنها زوجة كمال الدين حسين وأنجبت منه ابناً وتبحث عن ميراثها هي وأبنها، وكان الملك فؤاد قد ورث مليون جنيه عن الأمير كمال الدين حسين، حيث لم ينجب كمال الدين حسين من زوجته الأولى نعمة الله ، كما جاء المحامي الفرنسي موكلاً عن الزوجة الفرنسية مدام فيال ديمنييه ، وطلب مقابلة السلطان فؤاد وأخبره بزواج الأمير كمال الدين حسين من حبيبته الفرنسية مدام فيال ديمنييه في 5 مايو عام 1924 ، وأنها تعتبر الوريثة الوحيدة له بعد أن أنجبت منه إبناً، ورفض الملك فؤاد الإعتراف بالزواج، وأخبر المحامي الفرنسي أنه لا يعترف إلا بالزواج الذي يقره مجلس البلاط الملكي وأي زواج سري لا قيمة له، و لكن المحامي الفرنسي لم يستسلم لما قاله السلطان فؤاد، وقرر اللجوء للمحاكم المختلطة بالإسكندرية ليطالب بميراث زوجة كمال الدين حسين التي تزوجها في فرنسا، وكانت المفاجأة حين تقدم المحامي بالخطابات الغرامية التي أرسلها ولي العهد المصري حينذاك إلى حبيبته الفرنسية، والتي يؤكد فيها أنه تنازل عن العرش من أجل أن يعيش عبداً لها، وكان الخطاب الأول في 3 أبريل عام 1915 وكتب لها : ( أيتها الحلم ما أتعسني بعيداً عنك .. القصر الذي أعيش فيه أشد وحشة من كوخ صغير .. ، المجد الذي حولي هو ذل وهوان بدونك .. إنني أكره كل شيء حولي لأنني لا أحب سواك، إن والدي السلطان حسين كامل عرض علي اليوم أن أكون ولي عهده .. أي سخافة هذه، إن معنى ذلك أن أفتقدك ولا أستطيع أن ألقاك كما أشاء وأين أشاء .. ، وحين قلت له ( لا ) ، ذهل ولم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يمكن أن يتخيل أن حبك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة، حتى إنني بين ذراعيك أنسى أنني أمير وأشعر أنني عبد، أريد أن تنتهي الأزمة بيني وبين أبي لأحضر إليك، إن قيام الحرب لا يمنعني أن أترك مصر وأحضر إليك خصيصا لأعانقك ) . ان هذه ترجمة لنص الخطاب الأول الذي أرسله الأمير كمال الدين حسين وكتبه

السابق
نشوز الرجل
التالي
د ابراهيم ابو النجاد.ابو النجا

اترك تعليقاً