عالم وأديب

لغتي الجميلةُ مكحلي وبخوري

في اليوم العالمي للغة العربية،
لغتي الجميلةُ مكحلي وبخوري
*********************


سألتني مرةً:
كيفَ أُلوِّنُ قصائدي كقوسِ قزح؟
ومن أين آتي بسحرِ اللغةِ،
وعبيرِ الكلمات؟
ومن أي نبعٍ أستقي مدادَ قلمي؟
وبأي نايٍ سحريٍ أعزفُ كلماتيَ الراقصة؟
وأنت،
سيدُ الألحانِ وسفيرُ النغماتِ،
تُعلِّمُ الآهاتِ لرباتِ الهوى،
على سطورِ موسيقى السماءِ،
وتفهمُ – هل يتبعها فاصلٌ من الأنّاتِ،
أم همسةٌ تعثرت على السلمِ الموسيقيِ
ووقعت في حنجرة البلابل وقت الغسق؟
وهل أغلقَ الصولُ بمفتاحهِ القواميسَ عليها،
أم جعلها تنسابُ على مقاماتِ الشجنِ؟
تسأل عن مصادري وبحوري؟
لغتي الجميلةُ سيدي، مكحلي وبخوري.
وأنا،
سيدةُ العطورِ والأحرفِ الملونةِ الراقصةِ،
أتعامل مع قاموس مملكتي، كقناني العطرِ المركزةِ.
وأنا، بارعةٌ في صنعِ العطورِ،
علَّمني أبي –
أن أخلطَ الحرفَ على الظرفِ، على علامةِ التعجبِ،
ونقطةً من دموعِ القمرِ، ليصبحَ علامةَ استفهامٍ.
وأبي، خطاطٌ قديرٌ،
عند الرشيدِ تربى، ومعَهُ القلمُ!
علَّمني،
أن أضعَ حرفَ النونِ على حرفِ العينِ،
وأربطهما معًا – بكُحليَّ العربيِّ،
وبشذا الياسمينِ ليصبحا وطنًا!
علَّمني،
أن أتنفسَ لغتي العربيةَ والبخورَ كل صباحٍ،
وأفتحَ رئتيَّ للعشقِ
بأسماءِ الإشارة وعلاماتِ الترقيمِ،
وأن أعزفَ كلماتي على أوتارِ قلبي
لتصعدَ للربِ ترانيمَ وصلوات.
​تعلَّمتُ سيدي –
أن ألمسَ الزهورَ بقلمي السحري،
لتُعزفَ الموسيقى وينطلقَ العبيرُ،
فأجمعهُ على سنِّ قلمي،
لأُطَرِّزَ القواميسَ بكل جميلٍ في اللغةِ!
سأحذفُ الآهاتِ من المعاجمِ،
وأزرعُ مكانها النغماتِ،
دو – ري – مي – فا،
حتى
تمتلئَ قناني العطرِ وتنبضَ بالحياةِ،
وتسكُبَ شعرًا في نهرِ الحبِ،
وتزرعَ سوسنًا على خدِ القمر!
تعلَّمتُ،
أن أُعتِّقَ الحرفَ في شراييني،
ليتناغمَ مع دجلةَ والحبِ،
وصولًا للقلبِ فيسكر.
تعلَّمتُ أنَّ كلَّ دقةِ قلبٍ
لحنٌ جميلٌ وزهرةٌ فيحاءُ،
وأن للغتي أسرارًا لن تبوحَ بها إلا
لمن يدفعُ ثمنَ العبورِ لمملكةِ الهوى في السماءِ.
ودفعتُ الثمنَ بعمري:
بيتًا من الشِّعرِ، وخُصلةً من شَعْري.
تعلَّمتُ أنَّ الحروفَ تتعلَّمُ الحبَّ كي لا تتمرد،
فيهربُ حرفُ الألفِ جريًا إلى حرفِ النونِ سرًا،
فيبكي حرفُ العينِ قهرًا.
تعلَّمتُ،
أن أضعَ حروفَ لغتي قلادةً في عنقي،
لتُنبِتَ خمائلَ عشقٍ
وشِعرًا نابضًا يرقصُ بالفرحِ.
تعلَّمتُ
أن أعزفَ على النايِ السحريِ
بعد أن أرسمهُ بفرشاتي،
وأُعطِّرَهُ بعطري، ليتحولَ حقيقةً،
وأن رباتِ الهوى يلبسنَ تيجانًا
من الحروفِ المنمقةِ،
وبعباءاتهنَّ، أجملُ الكلماتِ مطرزةٌ،
وأن البلابلَ تشدو كلامًا لا نغمًا،
أُقلِّدُها أنا،
فترقصُ كلماتي، وتنبضُ بالفرحِ:
صول – لا – سي – دو،
لتتلونَ حروفي، فينتشرَ العطرُ،
ويكونَ شعريَ
نبضًا لقلبكَ وجسرًا للقمر،
وحب لغتنا الجميلةِ
أجملُ قدر.
بقلم/ نجلاء علي حسن
الفراشة الزرقاء 🦋

السابق
قصر الاميره سميحه كامل

اترك تعليقاً