التعليم

الإصلاح والرعاية الإجتماعية للأيتام

رعاية وإصلاح الأيتام

الإصلاح والرعاية الإجتماعية للأيتام—جزء ثانى

كتب الدكتور الشيخ مسعد أحمد سعد الشايب

 

فقد أمر الإسلام على لسان النبي (صلى الله عليه وسلم) بكفالتهم،

  1. أي: القيام على مصالحهم وشئونهم وأمورهم، وتربيتهم والإحسان

إليهم، ورفع معاناتهم، وضمّ حاجاتهم إلى حوائجنا والعمل على

قضائها، فعن سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله

(صلى الله عليه وسلم): (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ

بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) (رواه البخاري).

وهذا نبي الله موسى والخضر (عليهما السلام) يقدمان لنا نموذجًا

عاليًا في رعاية الأيتام اجتماعيًا، فيقومان ببناء جدارٍ آيل للسقوط

كان ملكًا لغلامين يتيمين، وكان تحته كنزٌ لهما، يقومان بهذا على

الرغم من لؤم أهل القرية معهما ومنعهما واجب الضيافة، قال

تعالى: {أَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ

لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا

كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف:82].

وها هي السيدة خديجة (رضي الله عنها) تشهد على رعاية النبي

(صلى الله عليه وسلم) للفئات الضعيفة في مجتمعه ومنهم الأيتام،

فتقول: (…أَبْشِرْ فَوَ اللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، فَوَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ،

وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ،

وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ…) (متفق عليه).

وقد نعى القرآن الكريم على من لا يكرم الأيتام، ولا يحسنون إليهم،

فقال تعالى: {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}[الفجر:17]، أي: لا تحسنون إليهم، ولا تعطونهم حقهم.

===========================================

ثالثا: الإصلاح والرعاية المالية للأيتام:

فقد أمر الإسلام بدفع نصيب الأيتام في الميراث إليهم بعد وفاة

آبائهم، وحذّر من تزييفها وتغييرها، والطمع فيها وبين أن ذلك إثمًا

عظيمًا، قال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ

بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}

[النساء:2]، فقد نزلت في رجل من غطفان كان معه مالٌ كثيرٌ لابن

أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه فخاصمه إلى

النبي (صلى الله عليه وسلم) فنزلت الآية، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ

يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ

سَعِيرًا}[النساء:10]، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى

الله عليه وسلم) قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ). قالوا: يا رسول الله

وما هن؟ قال: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا

بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ…) (متفق عليه).

كما أمر الإسلام الأوصياء على الأيتام بعدم الأكل من أموالهم إن

كانوا أغنياء، وإذا احتاجوا للأكل منها يأكلوا بالمتعارف عليه بدون

جور وبدون طمع، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ

فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:6]، وقال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ

الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}[الأنعام:152].

وعند دفع أموال اليتامى إليهم أمر الإسلام باختبارهم في

المعاملات، والتصرفات المالية حتى يبلغوا النكاح والرشد العقلي ـ

حتى تسلم لهم أموالهم، قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا

النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا

إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا

فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}[النساء:6].

فإذا لم يكن للأيتام مالٌ حثنا القرآن على إعطائهم من أموالنا،

وجعل ذلك لونا من ألوان البر، قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا

وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ

الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى

وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ…}

[البقرة:177]، كما جعل لهم سهمًا في أموال الغنيمة، وهو خمس

الخمس، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ

وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}

[الأنفال:41]، كما جعل لهم سهمًا في أموال الفيء، وهو خمس

الخمس أيضًا، قال تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى

فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}

[الحشر:7]، كما ندب إلى إعطائهم شيئا من الميراث إذا حضروا

قسمته، قال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى

وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}[النساء:8]

 

الإصلاح والرعاية الاجتماعية للأيتام— ثانيا

. كتب الدكتور الشيخ //مسعد أحمد سعد الشايب

تابع مواضيع اخرى للمجلة

رعاية وإصلاح الأيتام —جزء أول

روايات ” أيمن العتوم”.. أدب هادف و لغة عربية متقنة

الأبطال الشعبيين في الثقافة و الأدب

===========================================

السابق
رعاية وإصلاح الأيتام —جزء أول
التالي
غياب دور الكتاب بين الشباب في مصر

3 تعليقات

أضف تعليقا

  1. التنبيهات : غياب دور الكتاب بين الشباب في مصر :،،،، Zahuaa زهوة ،،،،،،

  2. التنبيهات : كفالة الأيتام وريعايتهم واصلاحهم  :،،،،،،، Zahuaa زهوة ،،،،،

  3. التنبيهات : ماذا لو..!! بقلم —المستشار أحمد على السكران : Zahuaa زهوة

اترك تعليقاً