عالم وأديب

عِشْ إنساناً ولا تكنْ ضفدعاً

عِشْ إنساناً ولا تكنْ ضفدعاً

بقلم :محمد جمال المغربي
الكاتب الصحفي

في تجربة علمية مثيرة وضع بعض العلماء ضفدعاً في وعاء به ماء على النار, وبدأوا يراقبون تصرفاته مع سخونة الماء تدريجياً, فوجدوه يُعدِّل من درجة حرارة جسمه ليتعايش مع المناخ الحراري الجديد فتصبح المياه بالنسبة له عادية.
مع الوقت بدأت درجة حرارة الماء ترتفع وكلَّما ارتفعت الحرارة عدَّل الضفدع من درجة حرارة جسمه إلى أن وصلت الحرارة للغليان حينها لم يستطع المسكين الاستمرار في التحمل ومات.
بدأ العلماء في دراسة سلوك الضفدع وأسباب استمراره في تعديل أوضاعه مع ارتفاع درجة الحرارة, ولماذا لم يقفز من الوعاء والذي كان مفتوحاً عندما بدأ الماء في الغليان, واستسلم للموت, فالوعاء الذي وضعوه فيه كان مفتوحاً من أعلاه، ومع ذلك لم يحاول القفز للخروج من الوعاء حتَّى مع غليان الماء إلى أن مات.
توصَّل العلماء إلى حقيقةٍ هامة مفادها أنَّ الضفدع استخدم كل طاقته في عملية التعديل المناخية التي كان يفعلها حتى يستطيع التأقلم وتحمل السخونة رغم صعوبة هذا الوضع, حتَّى وصل لدرجة أنَّه لم يتبقَ لديه طاقة يستطيع بها القفز من الوعاء وإنقاذ نفسه.
إذن الذي أنهى حياة الضفدع هو مكابرته وإصراره على الاستمرار في مواجهة سخونة المياه حتَّى فقد طاقته التي لو استغلها من البداية لكانت قد ساعدته في إنقاذ حياته.
هناك دروس مستفادة من هذه التجربة هي الحكمة في اختيار الإنسان للقرار المناسب والعمل والبيئة والعلاقة المناسبة, فلا داع للمكابرة والإصرار على الاستمرار في عمل لا تحبه, أو العيش في بيئة غير مناسبة لك بحجة صعوبة الحياة ومشقتها, أو الخوف من ضياع فرصة, أو الخوف من فشل تجربة كنت تحب أن تخوضها.
يجب أن تكافح لتصل إلى السعادة وتجعل مشقتك وطاقتك في الوصول إليها, لا أن تجعلها في الاستمرار في التأقلم مع وضعٍ لا ترغبه في عملك أو مكانك أو حتَّى في علاقة إنسانية لست مستريحاً فيها, لأنك وقتها سوف تستنفذ كل طاقتك الجسدية والنفسية والعقلية والعصبية في تعديل أوضاعك لكي تستطيع التعايش في واقعِ مريرِغير مرغوب فيه قد يكلفك فقدان نفسك في النهاية.
أقفز وعِشْ إنساناً ولا تستسلم فتصير ضفدعاً…

عِشْ إنساناً ولا تكنْ ضفدعاً

بقلم الكاتب :محمد جمال المغربى

عِشْ إنساناً ولا تكنْ ضفدعاً

السابق
تاريخ الطراز المعماري ( كيف بدأ وكيف تطور)
التالي
أسباب كثرة صيام النبي لشهر شعبان

اترك تعليقاً