عظم حق الأم، وتقديمه على حق الأب، وأسبابه
الحمد لله ربّ العالمين، أعد لمن أطاعه جنات النعيم، وسعر لمن عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين، اللهم صلّ عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
=====
أخوة الإيمان والإسلام: لا شك أن حق الأم في البر أعظم من حق الأب ومقدمٌ عليه، بنصّ الأحاديث النبوية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟. قال: (أُمُّكَ). قال: ثم من؟. قال: (ثُمَّ أُمُّكَ). قال: ثم من؟. قال: (ثُمَّ أُمُّكَ). قال: ثم من؟. قال: (ثُمَّ أَبُوكَ)(متفق عليه)، وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الناس أعظم حقا على المرأة؟. قال: (زَوْجُهَا). قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟. قال: (أُمُّهُ)(رواه النسائي في الكبرى)، وذلك للأسباب الأتية:
=====
1ـ الأم تعبت أكثر من الأب في إنجاب الأولاد، فهي التي حملته في بطنها تسعة أشهر كرها، بينما وضعه أبوه شهوة، وهي التي أرضعت سنتين من لبنها، وصحة جسدها، قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:15].
=====
2ـ الأم هي التي تقوم بالدور الأكبر في رعاية أسرتها، فتدير بيت الزوجية وشئونه الداخلية من ناحية، ثم تشارك بفاعلية في التربية والسعي جنبًا إلى جنب مع الأب من ناحية أخرى، فمن باب الغنم بالغرم كانت عناية الشرع بها أكثر، وقدمتها على الأب، وزاد التأكيد على برها؛ لأن العقوق إليهن أسرع لضعفها، قال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا…)(متفق عليه).
=====
3ـ كثيرًا ما تنجو الأسرة بالأم بعد فقد الأب وقلما تنجو بالأب بعد فقد الأم، فكم من امرأة مات عنها زوجها فحبست نفسها على أولادها حتي وصلت بهم إلى بر الأمان وخرجوا أناسًا صالحين في المجتمع، وقلما ينجح الأب بعد وفاة زوجته في تربية أولاده كما فعلت الأم، فعادة يتزوج بأخرى فتوغر العلاقة بين الأب وأبنائه، بل ربما تفسدها بالكلية، ولقد أشار النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلى منزلة هذا النوع من الأمهات اللاتي ضحين بشبابهن ولذاتهن من أجل تربية أولادهن والقيام عليهم حين قال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ تَأْتِي امْرَأَةٌ تُبَادِرُنِي فَأَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ؟ وَمَا أَنْتِ؟). أنا امرأة قعدت على أيتام لي. (مسند أبي يعلى).
===========================================
فاللهمّ ارفع عنا الوباء والبلاء والغلاء، وأمدنا بالدواء والغذاء والكساء، اللهم اصرف عنّا السوء بما شئت، وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، اللهم ا
ارفع مقتك وغضبك عنّت ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، اللهمّ آمين، اللهمّ آمين.
كتبها الشيخ الدكتور/ مسعد أحمد سعد الشايب
#خطب_ابن_الشايب