لماذا هربت القطة وأين اختفت !!
بقلم : معتصم عيسى – دمشق
أجلس بشكل يومي لبعض الوقت قرب نافذة منزلي أتفرج على الشارع المحاذي ، أشاهد المارة وحركة الناس ، لأشعر بنبض الحياة التي تتأرجح في أعماقي في كثير من الأوقات.
أنا لا أميل عادة لتربية القطط والعناية بها وأفضل الكلاب لأنها أكثر وفاء لأصحابها ، لكن قطة جميلة لفتت انتباهي وهي تتجوّل بهدوء قرب المنزل ، وشعرت أنها وحيدة وليست ماهرة بنسج علاقات مع قطط المنطقة ، وتجد راحتها بالبقاء وحيدة تبحث عمّا يسدّ رمقها من الطعام وعن زاوية هادئة تجلس فيها دون أن يزعجها أحد.
بادرت لالقاء شيء من الطعام لتلك القطة وأطلقت عليها اسم بسمة ، وأصبحت تجلس كل يوم في الموعد ذاته قرب نافذتي تنظر حصتها من الطعام ، وتستجيب عندما أناديها باسمها.
مع مرور الأيام وجدت أنني صرت أشعر بالمسؤولية تجاه القطة ، وأواظب على إطعامها ، بل إنني عوّدتها على الدخول إلى البيت وقضاء ساعة معي في كل يوم ، ثم تعود بعدها إلى الشارع.
في ليلة ماطرة سمعت نباح كلب قرب النافذة ، ودفعني الفضول لإلقاء نظرة..لأجد كلبا يطارد القطة (بسمة) ويحاول إيذاءها ، فصرخت لابعاد ذلك الكلب عن قطتي وألقيت قطعة خشب صغيرة عبر النافذة باتجاه الكلب ، وهو ما منح القطة فرصة للفرار من المكان.
منذ ذلك اليوم لم أعد أعرف إلى أين ذهبت بسمة ، ولم ارها بعد ذلك ، لكنني بدأت أعيد النظر بمحبتي للكلاب ، إذ أن الجاني كان كلبا بامتياز.
وحرصت على البحث عن قطعة الخشب التي رميتها باتجاه الكلب وأعدتها إلى المنزل ، كي أستخدمها مرة أخرى في حال عودة الكلب لمضايقة بسمة.
اليوم ، وأنا في طريقي إلى العمل شاهدت جارنا صاحب البقالية وهو يطرد من محلّه فتاة كانت تطلب منه بعض الأغراض الضرورية لمنزل أهلها دون ان تمتلك النقود وكانت تتوسل إليه أن يسجّل قيمة الأغراض على دفتر الديون ، إلا أن الرجل طردها بقسوة وأوشك أن يضربها.
اقتربت من الفتاة التي كانت تغالب دموعها وسألتها عن طبيعة الأغراض التي تريدها ، وتبيّن لي أن قيمتها بسيطة ، فاصطحبتها إلى البقالية واشتريت لها تلك الأغراض ، وبينما كان الرجل يضع ما اشتريناه في كيس خطر لي أن أسأل الفتاة عن اسمها ، فقالت لي : اسمي بسمة.
لا أعرف في تلك اللحظة لماذا استعدت مشهد القطة والكلب ، ونظرت إلى الرجل بغضب متنمّيا أن تكون معي قطعة خشب لأقذفها باتجاهه.
