الدولة_الأمريكية_العميقة
” امبراطورية بين معارج الازدهار ومزالق الانحدار ”
بقلم مديرة التحرير : سفانة سعدو الديب
إعلامية وكاتبة
” الدولة الأميركية العميقة ” كتاب صدر حديثًا للكاتب والباحث السياسي والخبير في الشؤون الأميركية الأستاذ ” إميل أمين ” عن مركز أتون للدراسات .. يتناول فيه قضية مثيرة للجدل لسنين كثيرة ويضع خفاياها وماراء الستار بين أيدينا للدولة الأمريكية العميقة ، حيث
تتعدد التعريفات والتفسيرات لتلك الدولة المجازية ، وتبقى الحقيقة بسيطة رغم تعقيدات الظاهرة ،وهي أنها مصالح تحتية مختئبة بين ثنايا النظام المؤسساتي السياسي ، يديرها منتفعون لهم شغل شاغل في بقاء أهدافهم بعيدة عن الأعين ، وفي الوقت عينه لديهم من القدرة والمنعة ، ما يمكنهم من تسخير الحكومة الظاهرة لخدمة وإدراك ما يتطلعون إليه ، عبر التواطؤ والمحسوبية، وغالبا تعطي الدولة الأمريكية العميقة ، المثل الواضح لكل تلك الجماعات حول العالم .
والشاهد أن هناك أكثر من قراءة لتلك الدولة ، واحدة تعود إلى زمن تأسيس الولايات المتحدة ،وزمن الآباء المؤسسين ، وأخرى معاصرة ترتبط بمجمعات ولوبيات حديثة بزغت في النصف الثاني من القرن العشرين .
يتتناول البروفيسور ” جيسون ليندسي “، في كتابه ” إخفاء الدولة ” طبيعة هذه الدولة العميقة ، وعنده :” أنه حتى بدون وجود جدول أعمال تآمري ، فإن مصطلح الدولة العميقة ، مفيد لفهم جوانب مؤسسة الأمن القومي في البلدان المتقدمة ، مع التركيز على الولايات المتحدة .
على أن ليندسي يفتح الباب واسعا أمام مصادر تلك الدولة ، والتي يعتبر أن مجتمع الأمن القومي ، والمخابرات ، وبقية العوالم والعواصم السرية في الداخل الأمريكي ، هي مصدر القوة .
ومن بين التعريفات الأكثر إثارة ، والتي تفتح الأذهان على ما يجري في الداخل الأمريكي من تحركات غير ظاهرة للعيان ، ما اشار إليه ، إدوارد سنودن ، عميل وكالة الأمن القومي الأمريكي
NSA
تلك الوكالة المغرقة في السرية ، قبل أن ينقلب عليها ويكشف أوراقها في قصة معروفة خلال العقد المنصرم .
يرى سنودن أن الدولة العميقة ليست كامنة فقط في ثنايا وكالات أمريكا الإستخبارية ، بل إنها حقا وسيلة للإشارة إلى بيروقراطية الحكومة المهنية ، هولاء المسؤولون الذين يجلسون في مناصب قوية ، ولا يغادرون عندما يغادر الرؤساء والذين يشاهدون الرؤساء يأتون ويذهبون ، وهم يؤثرون على الرؤساء “.
ويناقش الكاتب في هذا الكتاب بالتفصيل أيضًا حقيقة الدولة الأمريكية العميقة ، وبعض الظواهر التي تنتشر في الولايات الاميركية وتهدد المجتمع الأمريكي ، مثل العنصرية ، وملف السلاح الشخصي في أمريكا والمرتبط بهذه القضية .
ويطرح الكاتب بعمق ودقة الدور الأمريكي على المستوى العالمي ، وهل انتقلت أمريكا من مرحلة ” القيادة في كل مكان ” إلى مرحلة ” لا مكان للقيادة ” خلال عقد من الزمن ، وهل هذا هو سبب تراجع قوة أمريكا ، أم أن السبب في الداخل ؟ والامبراطوريات الكبرى تخفق من داخلها ، قبل أن يصيبها العطب من الخارج .
ماذا ايضاً وماهي الخفايا الأخرى ؟
الكثير يمكن مطالعته في كتاب ” الدولة الأمريكية العميقة ” .
وجدير بالذكر أن الأستاذ إميل أمين كاتب وباحث سياسي وخبير في الشؤون الأمريكية ، وله العديد من الكتب المهمة ، أبرزها : “مختصر قصة الأصولية الأمريكية ” و ” ذئاب في ثياب حملان ” و ” جسور لا جدران ” و ” رموز للوفاق في زمن الافتراق ” …
بقلم مديرة التحرير : سفانة سعدو الديب