عام

جبر الخواطر

جبر الخواطر

جبر الخواطر تذوق كلماتك قبل أن تنطقها وأفحص نظراتك قبل أن ترسلها وراقب تصرفاتك قبل أن تفعلها فو الله إن القلوب مرهقة وإن لكل انسان منا رواية لم تقدر الحروف على ترجمتها ولا اللسان على نطقها فبقت دفينة القلب ،أسيرة الكتمان

ومن منا لم تسحق قلبه كلمة أو دمرت كيانه نظرة .ومن منا لم ترفعه كلمة فحلق معها يلتمس أملا ويستنجد نورا فإن الضعف صفة فينا وإن الانسانية علامة تمسح بلطفها آثار الجريمة وآثار الخيبة المدفونة فلا تكن بخيل اللطف وتعطر بجميل النطق وكن خفيف الحضور فإن لم تجبر خاطرا وإن لم تزيل هما فلا تكن مصدر الألم ولا تزيد هما فوق هم فالحزن صدأ يغشى القلوب فيفقدها بريقها والكلمة الطيبة بلسم للنفوس فما أجمل أن تزرع في اليائس أملا وما أجمل أن تكون للمكتئب نورا وللمحتاج عونا وما أجمل أن تدخر لنفسك مزادا يقيك بؤس الأيام وقسوة الحياة فوالله ما قدمته اليوم عائد لامحالة لك غدا فاختر من الزاد خيره واختر من الكلام أحسنه واختر من الطريق أجمله فالشدة تزول وأثر الكلمة يبقى أبد الدهر ولا يزول .وإن جبر الخواطر من أعظم الأمور فهي توازي أن تطعم جائعا أو تأوي متشردا أو تنقذ جريحا فلكل حاجته الجائع يعيش إذا أكل والمتشرد ينجو إذ احتم من صقع أو برد والجريح يبرأ إذا أسعفه طبيب .ومكسور الخاطر يحتاج كلمة تنير ضلمة فؤاده وتجبر خيبته ربما لن يكون بالنسبة لك شيئا يحسب لكن بالنسبة له يصنع الفارق بل يصنع المحال فالكلمة سلاح فتاك وفي نفس الوقت هي دواء لأعتى الإنتكاسات والخيبات ،فإن لم تستطيع أن تتطيب بحلو الكلام فاحفظ سم حروفك فإن للدنيا نصيب في هذه النفوس المرهقة التي تكالبت عليها المصائب والخيبات ،انظر إلى الحبيب المصطفى رسول الله وعن جبر الخواطر حين واسى طفلا مات عصفوره ،فإن الانسان إذا أحب ضعف وإذا ضعف تسلح بالود واللين وحين تسلح بالود واللين ارتوى بالانسانية فغدى أقوى وأشد صلابة من مشاكل الحياة

فهنيئا لمن ارتوى قلبه بجبر الخواطر وهنيئا لمن جعل لحروفه عطرا فواحا وهنيئا لمن إذا رأى جروحا …ضمدها .وهنيئا لمن إذا مر على قلوبنا ترك أثر طيبا

جبر الخواطر
جبر الخواطر
السابق
حكاية حارق 
التالي
سيدي بو سعيد بتونس

اترك تعليقاً