لم ترد امي ان اعيش على امل اللقاء .. كانت تخبرني كل مرة انّ النجاة تحتاج قلبا قويّا و انا ظاهريّا معدن لا يلين ..
جعلتني امي ادرك حينها انّني قاسية مقيتة…
لا احسن فن الدعابة و لا اجيد القيام بدور انثى..
انثى..
مجرد فتاة لامبالية ترقص على انامل الاحزان ..
وقد كانت امي سيدة فاضلة تدعو لي متى ارادت و تدعو عليا متى ارادت ايضا ..
و كانت لا تحسن الامرين حقا ..
لم ارى شيئا تحقق من دعواتها يوما ..
و في هفوات الزمان و بين ثنايا المكان خاب ظن امي ..
هي تريد مني الصراع للبقاء ..
و تكره ان اجرّ اذيال خيبتها لا خيبتي ..
جعلت تحنّ حتى ألين اليها ..
و جعلتُ اقسو حتى اكون مستقلة عنها .
لم تنسى يوما ان تذكرني بأنني انتمي الى هذا الوجود و انه ليس من مكان جميل في العدم ..
يا ليتني اخبرتك يا امي انني كنت حسّا وجودية و معنا عدميّة لوفّرت عليك و عليّا وقتها ..
لم تنسى هي ان تبني لي من حصن الاخلاق شضايا اتستر بها ..
مثلي مثل غيري لا ندرك من الاخلاق غير الندوب ما لم نطبقها …
مسمّى نرتكز به في اقاويلنا …
و من باع الكلام اكثر جنى الاحترام اكثر..
الغريب حقا أنّ مسيرة التسلّط التّي ما ٱنفكت امي توشّحها لي لم أكن اشعر بها سوى تجاه الرجال …
اما في باقي العلاقات كنت كالحمل الوديع ما لم استشيط غضبا..
ما كنت لأكتب حرفا لو كنت في الليل فأنا عادة ما اثقل كاهلي حتى انام دون وعي و استيقظ دون وعي ايضا..
لكنني في الصباح كائن عجيب …
كائن مفكر …
كائن حزين..
في ما عدى ذلك يعتقد اصدقائي انني صدى مخمليّ..
فتاة زهر ترتدي الرمادي و الاسود و البني و الازرق ..
هم متأكّدون قطعا انني وهنة ..
وهنة و احيانا انتحارية …
و يدركون جيدا انني لا انتمي الى عالمهم و انّ العدم عالمي المفضّل ..
لكنّهم لا يوافقوننك يا امي ..
لا يصدقون انك لا ترين الدعابة في روحي ..
انا خفيفة دم يا امي..
هم يرونني خفيفة دم يا امي … اصدقائي يأمنون بذلك يا امي ..
لا الومك و لا الومهم يا امي فقلبي يجمع بين هذا و ذاك ..
قلبي زهرة اوركيد .. اركيد اسود يا امي.. لكن الاوركيد يعيش في المناخ المعتدل و ايّ مناخ صحراوي ضبابي هذا .. الذي اعشقه يا امي..
..لن يأت و لن نلتقي و لكنني سأكون بالانتظار..
الانتظار يبقيني على قيد الحياة …يا امي