بين العفوية والتمثيلية قراءة في المشاهدات بين لقطة القطة وحلقات الدامة
بين العفوية والتمثيلية قراءة في المشاهدات بين لقطة القطة وحلقات الدامة
بقلم د. عمار براهمية
بين العفوية والتمثيلية قراءة في المشاهدات بين لقطة القطة وحلقات الدامة بين العفوية والتمثيلية….
افتخر مروجوا مسلسل الدامة بخمسة ملايين مشاهدة معتبرين ذلك مؤشرا لنجاح عملهم المستوحى من الواقع حسبهم، لتستخدم هذه المعطيات من بعض المدافعين على أهمية عرض هذا الانتاج الدرامي، المقدم في الشهر الفضيل على شاشة التلفزيون الجزائري، ما زاد من تعميم النقاشات عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لهكذا محتوى، وبالرجوع إلى لغة الارقام والمشاهدات وفي سياق الأجواء الرمضانية حقق فيديو قصير من الجزائر شهرة واسعة في ظرف قياسي، حيث تضمن لقطة عفوية لقِطة أثناء صلاة التراويح في مسجد بمدينة برج بوعريريج والنتيجة أكثر من مليار ونصف مشاهدة في 24 ساعة عبر العالم بعد أن تداولته القنوات العالمية ومنصات ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع ….
العبرة من ذلك أن الردود الزمانية والمكانية كانت قوية لأن القياس بمعاييرهم التي ارادوا ان يصنعوا منها انتصارات درامية بربطها بعدد مشاهدات المسلسل التي لا يمكن الجزم مطلقا بأنها تمثل علامة للرضا والإعجاب ( لان منها الممتعض والرافض والمعارض والفضولي والمستهجن، ولعل الدعاية التي حملتها موجات الرفض ساهمت في رفع المشاهدات ) ليسقط كل ذلك وفق معيار المشاهدة أمام فيديو قصير مصدره واقعي غير تمثيلي ومحتواه كبير لاشتماله على دلالات حقيقية عن المجتمع الجزائري وما يتميز به واقعه من أمن وأمان وطمأنينة وخشوع وإيمان بعيدا عن تهافت البعض على الشذوذ في الاستنباط من الواقع بترويج العنف والمخدرات وغيرها من المظاهر التي ستبقى مرفوضة حتى وإن وجدت، ولتفتح مقابل ذلك اللقطة العفوية مجالا للنقاش في معايير المقارنة بين الواقع والتمثيل باعتبار الجانب الزماني المتمثل في شهر رمضان والمكان مسجد جزائري والتوقيت صلاة التراويح، والمحتوى الجوهري للفيديو صوت عذب بتلاوة مؤثرة والصورة خشوع واجواء ايمانية حقة لعدد كبير من المصليين ليسوا بممثلين ولا يعلمون بما سيحدث تلك الليلة بعد دخول القطة التي ليست مشهورة بحد ذاتها ولم تكن تسعى لذلك، لكن الحادثة تناقلتها القنوات العالمية وصفحات التواصل الاجتماعي، والفيديو كان للحظات رسمت صورة عن سماحة دين الإسلام وعن الطمأنينة والأمان في المجتمع الجزائري،
على عكس من حاولوا اصطناع الشهرة ولو على حساب الاخلاق بحجة التمثيل لنقل الواقع الذي اخذوا منه أسوء عيناته لتمثيل باب الواد الحي الشعبي العريق بالجزائر العاصمة، لتنقلب الرسائل تماما ولتظهر عينة من المجتمع الجزائري المصلي الخاشع وراء إمام صوته اسمعه الله تعالى للملايير من مختلف انحاء المعمورة، أما القطة في حد ذاتها ودون اي توظيف بعيد عن الواقع، فحالها يقول لست باحثة عن الشهرة ولكني ارتحت للصوت العذب وللامام فارتقيت على كتفه لألامس وجههه واقترب من مخارج كلمات عذبة، لاني متاكدة بأنني بين مصلين ولن أتأذى وسأجد معاملة لطيفة، والخلاصة أن ما أخرجه مسلسل الدامة من مشاهد يقال انها معبرة عن واقع المجتمع الجزائري اسقطها فيديو عفوي نال شهرة واسعة ونقل صورة جيدة عن المجتمع الجزائري في الشهر الفضيل وليبرز المستوى الحقيقي للرقي والأخلاق في الجزائر ….