حكايات وخواطر

عاشق سكون رمضان

عاشق سكون رمضان

المسحراتي أو ابو طبيلة
المسحراتي أو ابو طبيلة
عاشق سكون رمضان
بقلم : سهام كاترو .

عاشق سكون رمضان هو عاشق لرمضان ، زائر خفيف مثله ، يطلّ علينا منذ اللّيلة الأولى من شهرالصّيام ، ويواصل رحلته معه ومعنا ، قريبا يغادرنا مثلما سيغادرنا رمضان تاركا وراءه حكاياتنا ، سمر ليالينا ، جمال أرواحنا وطهارة نفوسنا ، آمين ، أجل ، ليت رمضان يودّعنا وهو راض عنّا لأنّنا أكرمناه ووفّيناه حقّه من كلّ الجوانب ، قريبا يغادرنا رمضان تاركا في نفوسنا بعض حسرة على فراقه ، شمل العائلة ، موائد الإفطار ، الكرم ، العطاء ، القرب من الله ، هل أستطيع إحصاء فضائله ؟ طبعا لا ، فهي لا تحصى ولا تعدّ ، رمضان سيغادرنا وكذلك العاشق الذّي حدّثتكم عنه في البداية ، فمن تراه يكون ؟
مع سكون اللّيل له حكاية ، يتحرّك والنّاس نيام ، يعشق التّجوّل بين الثّنايا ، الجوادي ، الأزقّة والنّاس نيام ، لعلّه يبحث عن تجلّيات لا نراها ، لعلّه يبحث عن ثواب جليل يناله لا يفوز به غيره في هذه اللّيالي الرّمضانيّة بل في تلك الأوقات المتأخّرة التي يتحرّك فيها ، يتحرّك والنّاس نيام ، تستفيق لتحرّكه حين تلتقط سمعك قرعه لطبله ، أعلمتم عمّن أتحدّث ؟ عن شخص اِختلفت تسمياته ما بين مشرقنا ومغربنا : المسحراتي / بوطبيلة / التنقام ، مهمّته لا تعترف بالتّطوّر التّكنولوجي في أرقى مراحله أو أبسطها ، يقول لك بأنفة :” أنا أدقّ وأفضل من منبّه هاتفك أو ساعتك لأنّني الأصل ، لأنّني هويّة ، لأنّني تاريخ ، لأنّني بعض من حكايتك وموروثك ، كيف لا ، أما علمت أنّ فيّ الأغالبة والعبّاسيّون والفاطميّون ، بل أنّني من المسلمين أيضا أكون ؟ يردّد بعض كلمات ” يا نايم وحّد الدايم..يا غافي وحد الله..جاء رمضان يزوركم..يا نايم وحد الدايم..لي خلقك ما ينساك ” في غنائيّة بصوت رخيم تلائم قرع طبله ، يمرّ مرورا هادئا رصينا يذكّر النّائمين بضروة النّهوض لتناول وجبة السّحور قبل أن يفوت الأوان ، يقوم بكلّ هذا تطوّعا ، تمسّكا بموروث خشية اِندثاره ، وإحياء لعادة أصيلة تقاوم الزّمن وتطوّره ، ذاك دأبه في ليالي رمضان ، وفي قلبه شوق لرؤية بعض أحبابه يوم العيد .
إنّهم أولئك الأطفال الّذين يفرحون بوجوده بينهم يوم العيد ، يسعدهم أن يرقصوا معه على إيقاع مبهج يختاره ، يستعرضون مهاراتهم وهم يقلّدون حركاته المهرجانيّة الّتي تزيدها ثيابه التّقليديّة رونقا و جماليّة ؛ المشهد تبعد عن الجفون ثقل سهر ليالي رمضان تنفتح العيون وترتسم الابتسامات وترتفع الأصوات بين تهليل وأدعية ونغم تقليديّ ، ثم يتسارعون لملء جرابه بما لذّ وطاب من حلويّات تقليديّة الصّنع ، وحلوى ملوّنة ، وفواكه جافّة ، اِمتنانا واِعترافا بفضله على نيل الصّائمين بركة السّحور ، كما يقدّم له الكبار بعض ما تيسّر من مال تشجيعا له على إحياء عادة الأجداد وشكرا على إسعاده للأبناء .
“بوطبيلة / المسحراتي / التّنْقٓامْ ” شخصيّة يحبّها الأطفال لأنّها تمتلك روح الدّعابة وتتماهى مع رغبتهم في الرّقص والغناء دون تذمّر ، تكمل احتفاليّة العيد وترسّخ في أذهانهم هويّة تأبى الاندثار .

السابق
مسجد السيدة عائشة
التالي
حنين

اترك تعليقاً