العمل فى ليلةالقدر وكيفيه إحيائها
العمل فى ليلة القدر وكيفيه إحيائها
بقلم/ د.مسعد الشايب
العمل فى ليلة القدر وكيفيه إحيائها أيها الأحبة الكرام ليلة القدر فقد ذكرت لكم المناقب العظيمة، والفضائل الجمة التي تتمتع بها ليلة القدر والعمل فيها وكيفيه أحيائها ، وعلمنا لماذا سميت بليلة القدر، وعلمنا معنى القدر الذي أضيف إليها، ورأينا أنها ليلة متنقلة في العشر الأواخر من رمضان، واستمعنا إلى قول النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (…مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)(متفق عليه)، وعلمنا أنها خيرٌ من ألف شهر، فحريٌ وجديرٌ بالمؤمن الكيس الفطن أن يجدّ ويجتهد في تلك الليلة المباركة، بأصناف وألوان الطاعات والعبادات، بل في ليالي العشر الأواخر كاملة حتى يتمكن من إصابتها، واغتنامها، ويكون من أهلها، ومن العمل المطلوب العمل فى ليلة القدر وكيفيه إحيائها
ومن إحيائها:
أداء ما علينا من حقوق وواجبات، وكل ما هو منوطٌ بنا، سواء تعلق بحقوق الله أم بحقوق العباد، فالمدين لا يتصدق، والتقرب بالفروض مطلوبٌ قبل التقرب بالسنن، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ…)(رواه البخاري).
الإكثار من الدعاء، وهو من أهم وظائف تلك الليلة المباركة، فعن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ: (قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى)(رواه الترمذي).
استصحاب ما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) في العشر الأواخر، وقد كان النبيّ (صلى الله عليه وسلم) يُحيي العشر الأواخر من رمضان بالعديد من أمور الطاعة والعبادة، فعن أمّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ؛ أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ)(متفق عليه واللفظ لمسلم)، وإحياء ليلها يتحقق بأي طاعة وعبادة لله، فهو ليس صلاة فقط، وأقله ولو بتسبيحة، فإن زدنا فهو خير، فإن قرأنا من كتاب الله فهو خير وخير، وإن سعينا في قضاء المصالح والحوائج، وصلة الأرحام، أو اعتكفنا في المساجد، أو تدارسنا العلم النافع، أو سعينا في الصلح بين الناس…الخ فكله خير.
قيام ليلها، لقوله (صلى الله عليه وسلم): (…مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)(متفق عليه)، وقيامها يتحقق بصلاتي العشاء والفجر في جماعة، فإن زدنا على ذلك صلاة التراويح فبها ونعمت، وإن زدنا صلاة التهجد فخير وخير.
التحلي بالعفو والصفح والمغفرة، فإذا كنّا نريد أن يغفر الله (عزّ وجلّ) ذنوبنا، وستر عيوبنا، ويعفو ويصفح عنا، فعلينا أن نعفو ونصفح عن الآخرين، ونغفر لهم سقطاتهم، فالجزاء من جنس العمل، والله (عزّ وجلّ) يقول: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور:22].
التحلي والتجمل بالرحمة، فإذا كنّا نريد أن يرحمنا الله (عزّ وجلّ)، ويعتق رقابنا من النار، فعلينا أن نتراحم فيما بيننا، ويوصي بعضنا بعضًا بالتراحم، وصدق الله إذ يقول: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*فَكُّ رَقَبَةٍ*أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ*يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ*أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ*ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ*أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}[البلد:11ـ18]، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ)(رواه أبو داود).