عالم وأديب
أخر الأخبار

الذكرى السادسة لرحيل الكاتبة رضوى عاشور


كتب:هدى شهاب

 

في الذكرى السادسة لرحيلها.. أعمالاً أدبية خلدت ذكرى”رضوى عاشور”

يَحلُ اليوم 30 نوفمبر الذكرى السادسة على رحيل الأديبة المصرية القديرة “رضوى عاشور” التي رحلت عن عالمنا عام 2014 بعد أن خلدت ذكراها بأجمل الأعمال الأدبية التي ستظل ذاخرة اللغة العربية البسيطة و السرد التاريخي ، لتُصبح قامة من أهم قامات الادب العربي المعاصر,و لأنني أحد قراء كتابات رضوى عاشور، بدأت مَعرِفتي بها برائعة “ثلاثية غرناطة”، اعتقدتُ في البداية أثناء القراءة أن ما بين يدي ما هو إلا متتالية قصصية مُحكمة الأسلوب والكتابة، ولكن بعد فترة قصيرة تيقنت أنها رواية تختلف كثيراً عما قرأته في السابق، فهنا خلطة جميلة يمتزج فيها التاريخ بالخيال، ومن هنا لم يكن لقاءي الأخير بـ”رضوى” فقد قررت أن أعرف أكثر عن تلك السيدة، فوجدتها و قد درست “الأدب المقارن” بكلية الأداب بجامعة عين شمس عام 1972، تخيلت لقائها الأول بزوجها الشاعر الفلسطيني “مريد البرغوثي” و قصة حُبهما الخالدة بين الأدباء و المثقفين، وتذوقت معها مرارة المنفى بعد أن ظلت بعيدة عن الوطن وممنوعة من دخول مصر نحو 17 عاماً، بسبب اعتراضها و”البرغوثي” على زيارة الرئيس الراحل السادات لإسرائيل 1977، وسعدتُ معها بخروج أول عمل أدبي للنور 1985 بإسم “حجر دافئ”، وعلى الرغم مما عاشته “رضوى” في المنفى إلا أنها ظلت محتفظة بكل معالم الوطن في داخلها وثائرة ضد فساده متمسكة بالأمل في غدٍ أفضل وحياةً أخرى يستحقها المصريون، وعلى الرغم من أن رضوى عاشور غابت عن الحياة، إلا أن أعمالها الأدبية ستظل باقية، وستبقى ضحكتها المشرقة، وكلماتها التى تَشُع أملًا كتلك التي قالتها:”هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا”…

“زهوة “في ذكرى رحيل “رضوى عاشور”، تذكر أفضل أعمالها الأدبية و أهم الروايات التي يجب أن تحتويها مكتبتك..

الذكرى السادسة لرحيل الكاتبة رضوى عاشور

“ثلاثية غرناطة”

اسمها ثلاثية لأنها صدرت في ثلاثة أجزاء، هم”غرناطة”، و”مريمة”, و”الرحيل”، الثلاثية تحكي عن مأساة سقوط الممالك الإسلامية في الأندلس، على يد ملوك “قشتالة” الاسبان، فخُير الأندلسيون حينها بين إيمانهم و إسلامهم أو التنكيل والقتل، فواجهوا أبشع وسائل التعذيب بما يعرف تاريخيا بـ”محاكم التفتيش”من حرقٍ و سجن و إتهام كل مُسلم بالهرطقة أي الكفر و إجبارهم على تغيير هويتهم الدينية فَدَفَنوا إيمانهم موضع القلب، وتدور الأحداث في وقت كانت أوروبا غارقة في ظلمة الجهل والاضطهاد.

تُعد “ثلاثية غرناطة”،عمل أدبي متماسك تاريخي مكتمل البناء، وعذب اللغة وصادم يحوي حقائق عاشها شعب الأندلس في تلك الحقبة المظلمة من تاريخها. وحين تقرأ الرواية ستشعر بالندم أنك قضيت عمراً دون أن تعرف أي شيء عن الأندلس العربية المسلمة و غرناطة عاصمتها انذاك، التي شهدت أعظم فترات التاريخ العربي الإسلامي، ولكنها لم تدم لتسقط في يد ملوك أوروبا تاركةً وراءها ذكريات مجد المسلمين في الاندلس العربية فالعمر حين يطول يقصر، والجسد حين يكبر يشيخ، وحين يصل الأمر إلى الكمال يبدأ في النقصان.

الذكرى السادسة لرحيل الكاتبة رضوى عاشور

الطنطورية

“الذاكرة لا تقتُل.تؤلم ألماً لا يُطاق،تتحول من دوامات تسحبنا إلى قاع الغرق إلى بحر نسبح فيه”، إنها أحد أهم الكلمات التي جاءت ضمن ثاني أحد أهم روايات رضوى عاشور على الاطلاق ،”الطنطورية” التي صدرت عام 2010 عن دار الشروق للنشر…

إسمها منسوب إلى قرية الطنطورة الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا,تسرد الرواية وقائع تاريخية تبدأ بما فعلته العصابات الصهيونية ضد الفلسطنيين حتى إعلان قيام الكيان اسرائيل عام 1948، وذلك من خلال قصة إنسانية تعلق بالروح كعادة “عاشور” في مزج الإبداع الأدبي بالحقائق التاريخية و لمستها الإنسانية التي تُشعر القارئ و كأنه انتقل لتلك الحقبة بألة الزمن، فتمدك بمعرفة عظيمة ومشاعر لا تُمحىَ..القصة تدور عن رقية، البنت والشابة ثُم العجوز الفلسطينية التي ضاع منها الوطن، والأخوة، والزوج، وتَفرُق الأبناء، لكن بقى مفتاح الدار حول رقبتها مُعلقًا، أملاً في عودة لوطنها المفقود.. “الطنطورية” تُوثق لأكثر من ربع قرن من الشتات الفلسطيني..لذلك يجب على كل قارئ ان لا يفوت هذه الرحلة حتى لو لم يكن من هواة التاريخ.

قطعة من أوروبا”

تُعتبر رواية “قطعة من أوروبا” مختلفة كل الإختلاف عن روايات “رضوى عاشور” الأخرى، فالتوثيق للحقبة الزمنية في هذه الرواية يغلب على السرد الروائي وأيضاً الإيقاع أبطء مقارنة بالروايات السابقة التي يُوجد فيها عنصر التشويق و المغامرة و الانتقال عبر أزمنة و أحداث متلاحقة، ولكن على الرغم من ذلك تُعد الرواية ذات شجنٍ ومتعة غير عادية، يستحضر كل من قرأ “قطعة من اوروبا” شوارع وسط القاهرة و حواريها للتشبيهات و الجمل الجميلة و المتناسقة التي ذكرتها الرواية عنها، ففي الرواية وثَقَت رضوى لمدينتها الآسرة “القاهرة”، منذ أن أرادها الخديوي إسماعيل أن تُصبح “قطعة من أوروبا”، فنجد ما كان و ما آل له الوضع فيها، وبالطبع لن يَمُر العمل دون أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة في جزء ما منه.هذه الرواية ليست أفضل ما كتبت “رضوى” بالنسبة لي، لكنها تعني الكثير أيضاً..

 

الذكرى السادسة لرحيل الكاتبة رضوى عاشور

” سراج “

أهم ما برز في رواية “ســراج” اللغة العربية الراقيّة الأخّاذة و التسلسل فيها فالرواية تتحدث عن جزيرة عربية صغيرة مُتخيّلة بالطبع و عن أحوال شعبها وعبيدها، وعن نسائها وسلاطينها، وعن الطامعين فيها تأخذك لتُبحر معها في بحر الخيال الجميل لترسُ بك علي شاطيء الماضي بكُل حكاياته، فتحكي لنا “سراج” عن حكاية حاكم ظالم لم يقبل شعبه الذل والهوان، لم يقبلوا أن يتحكم في مصائرهم و مصائر أبناءهم ذلك الظالم الذي أحال حياتهم إلي جحيم، وإستنزفهم لأخر نفس لتأتي”رؤيا” الولد “سعيد” لتكون بمثابة النور الذي يُضيء لهم الطريق للصواب، فيقرر الشعب أن يثور ولكن يفاجئهم القدر حيث يقوم المستعمر بحمايته وتُحبط كل محاولاتهم ..رواية ” سراج” تحوي العديد من الإسقاطات السياسية التي يراها القارئ تجسيداً ما لشعوباً حقيقية عاشت ما عاشه أبطال الرواية.

كتبت / هدى شهاب

مواضيع أ خرى للمجلة. 

 حصن بابليون.. أعظم القلاع الرومانية في مصر

التعصب الكروي —أمرٌ لا يتفق مع إسلامنا ولا شهامة المصريين

مكياج الشتاء—تيسير فهمى

الخرس الزوجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى