التعليم
أخر الأخبار

دروسٌ وعبرٌ من قصة أصحاب الكهف جزء تانى

 

كتب الدكتور الشيخ /مسعد  الشايب

 

دروسٌ وعبرٌ من قصة أصحاب الكهف

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:

فإن سورة الكهف تحتوي على أربع قصصٍ عظيمة، أولها قصة أصحاب الكهف والرقيم، تلك القصة التي تعلمنا العديد والعديد من الدروس والعبر كالآتي:
منها: أهمية التضرع لله (عزّ وجلّ)، وفضل الدعاء، فأهل الكهف حين أووا إلى الكهف دعوا الله (عزّ وجلّ) قائلين: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}[الكهف:10].

ومنها: أهمية الشباب، ودورهم في تحمل الدعوات العظيمة، وإنجاحها، فأهل الكهف كانوا مجموعة من الشباب، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[الكهف:13].
ومنها: الدليل على كرامات الأولياء، والكرامة هي الأمر الخارق للعادة الذي يظهره الله على يد الصالح، فقد نام أصحاب الكهف تسعٌ وثلاثمائة سنة قم قاموا ولم تتغير أشكالهم، ولم تطل أشعارهم ولا أظفارهم، قال تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}[الكهف:11]، وقال تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا}[الكهف:25].

ومنها: فساد التقليد وذمه، وأنه سبب من أسباب الصراع بين الحق والباطل، وأنه مظهرٌ من مظاهر انتكاسة العقل البشري؛ لأن المقلد يلغي عقله، ويغلق بصره، ويصمُّ أذنيه، ويجعل الأخرين يفكرون عنه، ويبصرون له، ويسمعون بدلًا منه، قال تعالى على لسان أهل الكهف: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}[الكهف:15]، فسبب كفر قومهم هو تقليدهم الأعمى للأباء والأجداد بدون دليلٍ أو برهان.

ومنها: أن الله لايضيع أوليائه، ولا ينسى أحبائه، بل هو معهم بعونه ومدده ونصره، فقد استجاب الله لدعاء أهل الكهف{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}، وأرسل عليهم نومًا ثقيلًا طويلًا أمنة منه سبحانة وتعالى، وحجب عنهم أشعة الشمس حتى لا يصابوا بسوءٍ أو أذى فكانت (تزاور) تميل ناحية اليمين واليسار، وجعلهم يتقلبون يمينًا وشمالًا حتى لا تصاب أجسادهم بقرحة الفراش جراء النوم الطويل، وألقى عليهم مهابة شديدة بحيث لو اطلع عليهم أحدٌ لولى هاربًا أولًا، ثم ملئ قلبه بالرعب ثانيًا حتى لايفكر في العودة لهم ثالثًا، فمن يتقي الله يجعل الله له مخرجًا، قال تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا * وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا}[الكهف:17،16].

ومنها: الإرشاد إلى حسن اختيار الصاحب، وفضل الصحبة الصالحة، فأخس الحيوانات (الكلب) حينما تبع مجموعة من الصالحين (أهل الكهف) خُلد ذكره في القرآن الكريم عدة مرات وليس مرة واحدة، فما بالنا بابن آدم الذي كرمه الله (عزّ وجلّ) وفضله على كافة المخلوقات لو أحسن اختيار صاحبه وتبع الصالحين، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}[الكهف:22].

ومنها: قدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء الناس بعد موتهم، وذلك بإيقاظ أهل الكهف بعد نومهم تلك المدة الطويلة من السنين؛ لأن النوم أخو الموت، وقد أشارت قصة أصحاب الكهف لتلك الحقيقة العقيدية حينما عبرت الآية بلفظ (بعثناهم) قال تعالى: {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا }[الكهف:19].
ومنها: النهي عن المراء والجدل بغير بينة وبغير حجة، وردّ العلم إلى أهله والفتوى إلى أصحابها، قال تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا}[الكهف:22].

ومنها: تقديم مشيئة الله (عزّ وجلّ) قبل الإقدام والعزم على فعل أي شئ، وفضل ذكر الله تعالى عند النسيان فهو مذكرٌ بما نسيناه إن شاء الله، قال تعالى على لسان موسى (عليه السلام): {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا}[الكهف:24،23].

دروسٌ وعبرٌ من قصة أصحاب الكهف

دروسٌ وعبرٌ من قصة أصحاب الكهف

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان

دكتور/ مسعد الشايب

 

متابعة مواضيع أ خرى للمجلة

 

قرب قرب هنا وشوف شهيد الحب والمعروف

إنخفاض نسبه البطاله لمعدل غير مسبوق منذ عام ٢٠١٠

دروسٌ وعبرٌ من حوار موسى (عليه السلام) مع الله في سورة ((طه))

4 نصائح سريعة للتعامل مع الأشخاص الذين يلعبون “دور الضحية”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى