ما لا تعرفه عن طفولة النبي (صلى الله عليه وسلم)
بقلم /الدكتور الشيخ مسعد الشايب
ما لا تعرفه عن طفولة النبي:
الحمد لله ربّ العالمين، أنار الوجود بميلاد خير مولود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير،ما لاتعرفة عن النبي،سيدنا ونبينا، وحبيبنا، وشفيعنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
نشأت النبي:
نشأ النبي (صلى الله عليه وسلم) وتربى وتأدب وشبّ لا كما ينشأ ويتربى
الأطفال ويشبّون في مكة، ولا عجب في ذلك، فالذي تولى تربيته، ورعايته،
والعناية به (صلى الله عليه وسلم) ـ بدون تدخل أبوي أو عائلي ـ
قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}[الضحى:6]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (أدَّبَنِي
رَبِّي فأَحْسَنَ تَأدِيبِي) (أدب الإملاء لابن السمعاني)، وإليكم طرفٌ من طفولته وشبابه (صلى الله عليه وسلم) وكيف كانا في هذا المقال، كالتالي:
نشأت الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
بالرغم من انتشار القبائح والرذائل بين قريش في مكة؛ إلا أن النبي (صلى الله عليه
وسلم) نشأ على أكمل الأحوال من الطهر، والعفاف، والالتزام، فلم يشاركهم يومًا في أعيادهم الشركية، ولا جلس في مجلس من مجالس لهوهم،
ولم يتقرب يومًا لصنم، ولم يسجد لصنمٍ ، ولم يقسم يومًا بصنم، ولم يقع في قبيحة
من قبائحهم، ولا رذيلة من رذائلهم، فقد تعهده الله (عزّ وجلّ) بالحفظ والصيانة من أخلاق الجاهلية الذميمة ومساوئها، وتولاه بالرعاية والعناية
فعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) يقول: (مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا يَهُمُّ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا مَرَّتَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ كِلْتَاهُمَا
عَصَمَنِي اللَّهُ مِنْهُمَا. قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى كَانَ مَعِي مِنْ قُرَيْشٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي غَنَمٍ لِأَهْلِنَا
نَرْعَاهَا: أَبْصِرْ لِي غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ كَمَا يَسْمُرُ الْفِتْيَانُ). قال: نعم.
(فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا جِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ سَمِعْتُ غِنَاءً، وَصَوْتَ دُفُوفٍ، وَمَزَامِيرَ.
قُلْتُ: مَا هَذَا؟). قالوا: فلان تزوج فلانة لرجل من قريش تزوج امرأة من قريش.
(فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ الْغِنَاءِ، وَبِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْتُ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ
الشَّمْسِ، فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي). فقال: ما فعلت؟. (فَأَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ فَعَلْتُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ
ذَلِكَ، فَخَرَجْتُ، فَسَمِعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: مِثْلُ مَا قِيلَ لِي، فَسَمِعْتُ كَمَا سَمِعْتُ،
حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي). فقال لي:
ما فعلت؟. فقلت: (مَا فَعَلْتُ شَيْئًا). قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (فَوَ اللَّهِ،
مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُمَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ) (صحيح ابن حبّان).
وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه): (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ
يَنْقُلُ مَعَهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ). فقال له العباس عمه: يا ابن أخي، لو حللت
إزارك فجعلت على منكبيك دون الحجارة، قال: (فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَسَقَطَ
مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (متفق عليه)، قيل: إن
ملكا لكمه لكمة شديدة لما حلّ (صلى الله عليه وسلم) إزاره عن عورته، وجعله على
كتفيه . وقيل: إن ملكا هو الذي شدّ إزاره عليه، فما رؤي بعد ذلك عريانا.
ما لا تعرفه عن طفولة النبي:
هكذا نشأ النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل نبوته على أكمل الأحوال من الطهر، والعفاف، والالتزام فلم يتلوث بشيء من قاذورات الجاهلية.
وهذا درسٌ وعظةٌ لكل الشباب ألا ينغر بصحته، وقوته الجسمانية، وعنفوان الشباب
فيقع في معصية الله وسخطه، فالشباب هو أخطر مرحلة عمرية في حياة الانسان وسيسأل عنها الشاب سؤالا خاصًا يوم القيامة
قال (صلى الله عليه وسلم): (لَا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ
خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟) (المعجم الكبير).
((تنوع ألوان كدحه صلى الله عليه وسلم))
بالرغم من كفالة جدِّه عبد المطلب له (صلى الله عليه وسلم) بعد وفاة أمه وهو في
السادسة من عمره، ثم كفالة عمِّه أبي طالب له بعد وفاة جده وهو في الثامنة من عمره؛ إلا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يعرف الكسل ولا البطالة
ولم يكن يومًا عالة حتى على مَنْ قاموا بكفالته، إذ ليس مِنْ شأن الرجال أن يقعدوا عن طلبالعيش،
وكسب الرزق، وكذلك كان الأنبياء والمرسلون، كانوا يأكلون من عمل أيديهم، ويحترفون مهنًا متنوعة ليعيشوا من كسبها.
وكذلك كان نبينا (صلى الله عليه وسلم)؛ فقد تنوعت ألوان كدحه (صلى الله عليه وسلم) منذ صغره، فقد عمل برعي الأغنام، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ)، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: (نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ) (رواه البخاري).
وشارك النبي (صلى الله عليه وسلم) أعمامه وقومه تجديد بناء الكعبة، وكان يحمل الحجارة على كتفه الشريف كما تقدم.
كذلك عمل النبي (صلى الله عليه وسلم) بالتجارة منذ صغره فقد خرج في أول رحلة تجارية وهو في الثانية عشرة من عمره إلى الشام مع عمّه أبي طالب وفي تلك الرحلة التقى ببحيرى الراهب، الذي رأى علامات النبوة في النبي (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثَمَّ نصح أبا طالب أن يعود بالمصطفى (صلى الله عليه وسلم) خوفًا عليه من الروم.
وهكذا تعددت ألوان كدحه (صلى الله عليه وسلم) منذ صغره، وفي هذا درس وعبرة لكل انسان أيضا أن يعمل ويكدح، وأن يأكل من عمله يده، ولا يكون عالة على مجتمعه ووطنه.
فالعبرة في الإسلام بالعمل، وليست العبرة بطبيعة العمل، فكلُّ عملٍ يوفر لي الغذاء، والكساء، ويحفظ لي ماء وجهي مرضيٌ عند الله (عزّ وجلّ) وعند رسوله (صلى الله عليه وسلم)، قال (صلى الله عليه وسلم): (لَأَنْ يَحْتَزِمَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً مِنْ حَطَبٍ، فَيَحْمِلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا، يُعْطِيهِ أَوْ يَمْنَعُهُ) (متفق عليه).
والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
#كتبه الشيخ الدكتور
#مسعد أحمد سعد الشايب
التنبيهات : مراكب خوفو الشهيرة بمراكب الشمس : Zahuaa زهوة مراكب خوفو