أصلي وأعصي الله هل أترك الصلاة؟
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فينبغي للعبد مهما كثرت ذنوبه ألا ييأس يقنط من رحمة الله المولى تبارك وتعالى، وألا يترك الطاعة والعبادة مهما كان جرمه، وذنبه (طالما لم يكن شركًا بالله عزّ وجلّ)،
وذلك للأسباب الأتية:
1. أن اليأس والقنوط من صفات الشيطان وأنه يريد ذلك منا، فما سُمي إبليس (عليه اللعنة) بهذا الاسم إلا لإبلاسه (يأسه) من رحمة الله، وهو يريد أن يوقعنا فيما وقع فيه.
2. أن إبليس (عليه اللعنة) توعد آدم وذريته وقعد لهم في طرق الخير، كما قصّ علينا القرآن الكريم، فقال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين}[ص:83،82]، وقال تعالى: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف:17،16]، وقد نتج عن هذا التوعد وبسب تلك الغواية خروج الكثير من الأفراد والمجتمعات والكيانات والجماعات عن صراط الله المستقيم، والابتعاد عن طريق الهداية، والتلبس ببعض المخالفات التي نهى عنها المولى تبارك وتعالى في قرآنه الكريم وسنة نبيه العظيم، وقال (صلى الله عليه وسلم): (نَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ، فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ، فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ…) (سنن النسائي)، فمن الكيد والإغاظة له ألا نترك الطاعات والعبادات مهما وقعنا في معاصي وأخطاء.
3. أن الله (عزّ وجلّ) نهانا عن اليأس والقنوط من رحمته وعفوه وغفرانه مهما كثرت ذنوبنا، قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53]، وقال تعالى على لسان إبراهيم (عليه السلام): {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[الحجر:56]، وقال تعالى على لسان يوسف (عليه السلام): {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87]، فينبغي ألا نترك العبادة والطاعة مع وقوعنا في الذنب.
4. أن باب التوبة مفتوحٌ على مصراعيه، والله يقبل التوبة من عباده مئات المرات، وإن عاد للذنب عشرات المرات، قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا*وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء:18،17]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[التحريم:8]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) (رواه مسلم).
5. أن الخطأ من طبيعة البشر، قال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه الترمذي)، والعصمة (الحفظ من الوقوع في الذنوب والمعاصي) من صفات الأنبياء والمرسلين فقط، فقد عصمهم الحق تبارك وتعالى من الوقوع في الذنوب والمعاصي بعد البعثة بالاتفاق بين جميع العلماء، والسبب في وقوعنا في الأخطاء إما نفوسنا الأمارة بالسوء، وإما الغفلة والنسيان، وإما اتباع الرأي والهوى، وإما شياطين الجن كما تقدم، وإما شياطين الإنس، والإنسان الكيس الفطن هو الذي يحذر المعصية والوقوع فيها، ويتمسك جاهدًا بالأمور التي تعينه على ترك المعاصي.
6. أن كل الذنوب ما عدا الشرك بالله في مشيئة الله (عزّ وجلّ)، إن شاء غفره لنا وسترها علينا، وإن شاء عاقبنا بها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[النساء:48].
7. الصلاة نفسها من وسائل إصلاح الفرد، إذا أخلصنا النية فيها، وأديناها بخشوع وخضوع، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:45]، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: إن فلانا يصلي بالليل، فإذا أصبح سرق. فقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ) (رواه أحمد).
التنبيهات : أنواعٌ من الصلوات لا نعرفها : ،،،،، Zahuaa زهوة ،،،،،،،،،،، التعليم