التعليم
أخر الأخبار

دروسٌ وعبرٌ من قصة الخضر وموسى (عليهما السلام)

دروسٌ وعبرٌ من قصة الخضر وموسى (عليهما السلام)

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فإن سورة الكهف تحتوي على أربع قصص، من أعظمها وأروعها قصة الخضر وموسى (عليهما السلام)، تلك القصة التي تعلمنا العديد والعديد من
الدروس والعبر كالآتي:

منها: علو الهمة في طلب العلم، كما كان من موسى (عليه السلام) الذي شدّ الرحال، وتحمل المشاق، وعزم وصمم على السير بدون توقف حتى يبلغ مجمع البحرين (أي: ملتقاهما، وهو الموضع الذي وعده الله بلقاء الخَضِر(عليه السلام) فيه)، أو حتى يسير زمنًا (طويلًا) (حقبا)، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}[الكهف:60].

ومنها: السماحة مع الخادم، وحسن معاملته، أي معاملته بيسر وسهولة ولين، فقد طلب موسى (عليه السلام) من خادمه أن يأتي لهما بالغداء ولم يطلب الغذاء لنفسه فقط، وهذا يشعر بأنه تناول الغداء معه أيضًا، قال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}[الكهف:62]، وهذا يعلمنا أيضًا: أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله (عزّ وجلّ)، فتناول الطعام والشراب، والذهاب للطبيب، وتناول الدواء…إلخ كل ذلك لا يقدح في التوكل على الله.

ومنها: الأدب مع المعلم، والطلبُ منه بلطفٍ ورفقٍ، وإظهار المتابعة له، والتواضع معه، كما كان من موسى (عليه السلام) أيضًا، قال تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}[الكهف:66]، وفي هذا أيضًا: بيانٌ لفضل العلم وأهله.
ومنها: تقديم مشيئة الله (عزّ وجلّ) قبل الإقدام والعزم على فعل أي شئ حتى نلقى من الله العون والمدد، قال تعالى على لسان موسى (عليه السلام): {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}[الكهف:69].

ومنها: الأدب مع الله (عزّ وجلّ)، حيث نسب يوشع بن نون (فتى موسى) النسيان للشيطان، ولم ينسبه لله (عزّ وجلّ)، مع أن الكل من الله (عزّ وجلّ)، قال تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}[الكهف:63]، ونسب الخضر (عليه السلام) إرادة عيب السفينة لنفسه، ولم ينسبه لله (عزّ وجلّ) مع أنه سبحانه وتعالى هو الآمر بذلك، قال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}[الكهف:79].

ومنها: الفتح الرباني والعلم اللدني من الله لمن أطاعه وداوم على تقواه أحد نوعي العلم، قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}[الكهف:65].

ومنها: أهمية الصبر في كل شئ، وبيان عظيم فضله، وقد نبه الخضر (عليه السلام) موسى (عليه السلام) إلى أهمية ذلك، فقال الله (عزّ وجلّ) على لسانه: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا * قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا}[الكهف:67ـ70].

ومنها: جواز دفع الضرر الأكبر بارتكاب الضرر الأكبر، فقد قام الخضر (عليه السلام) بخرق السفينة بدلًا من أن يأخذها غصبًا الملك الظالم، وقام بقتل الغلام الصغير الذي لو شبّ وكبر لوقع في الكفر وأوقع والديه فيه، وقام ببناء الجدار وإن كان في هذا بعض المشقة بدلًا من أن يضيع كنز الغلامين اليتيمين.

ومنها: عدم مقابلة الإساءة بمثلها، وعدم التشبه باللئام، فقد طلب موسى والخضر (عليهما السلام) من أهل القرية أن يضيفوهما (يقدما لهما طعام الضيوف) فرفضوا، ومع ذلك حينما وجد الجدار المقارب على التهدم؛ قاما ببنائه، قال تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}[الكهف:77].

ومنها: الاهتمام بأمر الأيتام، والقيام على حوائجهم من التعاليم المشتركة بين جميع الديانات، قال تعالى:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}[الكهف:82].

ومنها: الفرق العظيم بين الحكمة الربانية والإرادة الإنسانية، وهذا يتمثل في اعتراضات موسى (عليه السلام) على أفعال الخضر (عليه السلام)، تلك الأفعال التي كانت بأمر الله (عزّ وجلّ).

دروسٌ وعبرٌ من قصة الخضر وموسى (عليهما السلام)

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
دكتور/ مسعد الشايب

مواضيع أ خرى للمجلة.  

ضوابط العلاقة بين الخاطب والمخطوبةبين الأراء الفقهية

النفقه في الشرعيه و القانون  النفقه في الشرعيه الاسلاميه

أضرار ومخاطر صالات الجيم ومراكز التدريب المختلطة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى