التعليم

من حقوق الزوج على زوجته

من حقوق الزوج على زوجته

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:

فقد علمنا سابقًا أن الشريعة الإسلامية هي شريعة الحقوق والواجبات أعطت لكل واحدٍ من اتباعها حقوقه، وكلفته بواجبات، ومن هؤلاء الأزواج، فجعلت للزوج حقًا على زوجته، وجعلت للزوجة حقًا على زوجها، وفي مقالٍ سابق استعرضنا بعض حقوق الزوجة على زوجها، وفي هذ المقال نستعرض أهم حقوق الزوج على زوجته،

التي جاءت كالتالي:

1. أن تدرك الزوجة مكانة زوجها بالنسبة لها، وأنه أعظم الناس حقًا عليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أعظم حقًا من أبيها وأمها، وأنه سببٌ في دخولها الجنة أو النار بحسب معاملتها له، فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم): أي الناس أعظم حقا على المرأة؟. قال: (زَوْجُهَا). قلت: فأي الناس أعظم حقا على الرجل؟. قال: (أُمُّهُ) (رواه النسائي)، وعن الحصين بن محصن (رضي الله عنه)، أن عمة له أتت النبي (صلى الله عليه وسلم) في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟). قالت: نعم. قال: (كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟). قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه. قال: (فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ) (رواه أحمد).

2. الطاعة له في غير معصية، وحسن التبعل بالقيام على شئونه وشئون بيته، قال (صلى الله عليه وسلم) قال: (إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) (رواه أحمد)، وعن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) قالت: (تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ…) (متفق عليه)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (خَيْرُ النِّسَاءِ الَّتِي إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا» قَالَ: وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}[النساء:34]) (مسند الطيالسي).

3. التطيب والتزين والتجمل له، حتى لا يتطلع بصره إلى غيرها، فكما تحب الزوجة أن يتزين لها زوجها كذلك الزوج يحب أن تتزين له زوجته، قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[البقرة:228]، وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: كانت امرأة عثمان بن مظعون تختضب، وتطيب، فتركته، فدخلت عليّ، فقلت لها: أمشهد، أم مغيب؟ فقالت: مشهد كمغيب، قلت لها: ما لك؟ قالت: عثمان لا يريد الدنيا، ولا يريد النساء، قالت عائشة: فدخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأخبرته بذلك، فلقي عثمان، فقال: (يَا عُثْمَانُ، أَتُؤْمِنُ بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ؟). قال: نعم، يا رسول الله، قال: (فَأُسْوَةٌ مَا لَكَ بِنَا). وفي رواية: (فَاصْنَعْ كَمَا نَصْنَعُ) (رواه أحمد).
4. عدم إفشاء أسرار الحياة الزوجية بينهما، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا) (رواه مسلم).

5. عدم إتيان الزوجة وعدم فعلها ما يكرهه زوجها (مراعاة رضاه)، فعن عمرو بن الأحوص (رضي الله عنه)، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فحمد الله، وأثنى عليه، وذكر، ووعظ…فقال: (…أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ) (رواه الترمذي).

6. لا تصوم الزوجة نفلًا أو تطوعًا إلا بإذن زوجها، فقد يكون له حاجة في معاشرتها، ويقاس على ذلك جميع نوافل الطاعات والعبادات التي قد تمنع من المعاشرة كصلاة تطوعية، وزيارة غير واجبة…الخ، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه)، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ…)(رواه البخاري).

7. الوفاء له، والوقوف بجانبه في أحلك أزماته، وأشد ظروفه، فعن عائشة (رضي الله عنها)، لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص قالت: فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رق لها رقة شديدة، وقال: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا). فقالوا: نعم. وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذ عليه أو وعده أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار، فقال: (كُونَا بِبَطْنِ يَأْجِجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا) (رواه الترمذي).

8. الإحداد عليه بعد وفاته، لمدة أربعة أشهر وعشرة، وهذا نوعٌ من أنواع الوفاء للزوج، وليس مقصودًا به براءة الرحم، فعن زينب بنت أبي سلمة (رضي الله عنهما) قالت: لما جاء نعي أبي سفيان (رضي الله عنه) من الشام، دعت أم حبيبة (رضي الله عنها) بصفرة في اليوم الثالث، فمسحت عارضيها، وذراعيها، وقالت: إني كنت عن هذا لغنية، لولا أني سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) (متفق عليه).

من حقوق الزوج على زوجته

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب
السابق
هل يؤثر غذائنا على صحتنا العقلية ؟
التالي
شركة «تي بي في تكنولوجي» تعلن عن شراكتها الجديدة مع «أسبيس الشرق الأوسط»

اترك تعليقاً