التعليم

أسباب كثرة صيام النبي لشهر شعبان

أسباب كثرة صيام النبي لشهر شعبان

ستة أسباب والمستفاد منها)

الحمد الله ربّ العالمين، والصاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فقد علمنا في مقال سابق أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يكثر من صيام شهر شعبان، وقد كان ذلك مشتهرًا بين أزواجه (صلى الله عليه وسلم)، فعن السيدة عائشة (رضي الله عنها)، وقد سئلت عن صيام النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقالت: (كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا) (رواه مسلم)، ومن هنا أقول: إن صيام شهر شعبان سنةٌ مؤكدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم).

فتعالوا بنا أحبتي في الله لنرى الأسباب الدافعة لذلك، لعلنا نتعلم منها ما يفيدنا في دنيانا وأخرنا، وهذه الأسباب كالتالي:

1. غفلة الناس عن العبادة والطاعة في شهر شعبان؛ لوقوعه بين شهرين عظميين؛ هما رجب ورمضان، وهذا يعلمنا اغتنام أوقات الغفلة بالعبادة والطاعة، لأن الأجر والثواب فيها مضاعفٌ، كما أن إيقاع العبادة والطاعة في أماكن الغفلة مضاعف الأجر والثواب، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ دَخَلَ السُّوقَ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ) (رواه الترمذي).

2. عرض الأعمال العرض السنوي ورفعها للمولى تبارك وتعالى، فالأعمال تعرض عرضًا يوميًا في صلاتي العصر والصبح، وتعرض عرضًا أسبوعيًا ليلة الجمعة، وتعرض عرضًا سنويًا في شهر شعبان، فعن أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) (رواه النسائي).

3. التوطئة والتمهيد لشهر رمضان، وتهيئة الروح والجسد لأعماله، وهذا ما فقهه الصحابة (رضوان الله عليهم)، يقول سيدنا أنس بن مالك (رضي الله عنه): (كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِذَا اسْتَهَلَّ شَعْبَانُ أَكَبُّوا عَلَى الْمَصَاحِفِ (أي: قرأوها)، وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ فَقَوُّوا بِهَا الضَّعِيفَ وَالْمِسْكِينَ عَلَى صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَعَا الْمُسْلِمُونَ مَمْلُوكِيهِمْ فَحَطُّوا عَنْهُمْ ضَرَائِبَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَدَعَتِ الْوُلَاةُ أَهْلَ السُّجُونِ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَقَامُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا خَلُّوا سَبِيلَهُ) (الترغيب والترهيب)؛ ولذا قال العلماء: شهر شعبان كالمقدمة لشهر رمضان فيسن فيه ما يسن ويجب في شهر رمضان.

4. تعويض ما فاته (صلى الله عليه وسلم) مقدمًا من صيام تطوع في شهر رمضان، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يكثر من صيام الاثنين والخميس، وصيام الثلاثة القمرية، ورغب في صيام ذلك، مع صيام سرر (أخر) شهر شعبان فيكون قد فاته بذلك على الأقل إن لم نحسب صيام سرر شعبان أحد عشر يومًا كان يعوضها في شعبان، ومن هنا أقول: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يصوم أقل من اثنين وعشرين يومًا في شهر شعبان، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يرغب في قضاء التطوع، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟). قال: لا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ) (متفق عليه).

5. كون الصيام في شعبان أفضل الصيام، فهو من صيام رمضان بمنزلة النفل أو السنة القبلية قبل الصلاة المفروضة. (لطائف المعارف بتصرف).

6. المؤازرة والمساندة لأمهات المؤمنين (رضوان الله عليهن)، فقد كنّ ينشغلن برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا يقضين ما فاتهن من أيام في شهر رمضان، إلا في شهر شعبان، ومن هنا نأخذ جواز تأخير قضاء ما فاتنا من أيام رمضان للرجال والنساء على السواء، وخصوصًا إذا كان ذلك لعذر وضرورة.

أسباب كثرة صيام النبي لشهر شعبان

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان

كتبه الشيخ الدكتور:أسباب كثرة صيام النبي لشهر شعبان

مسعد أحمد سعد الشايب

السابق
عِشْ إنساناً ولا تكنْ ضفدعاً
التالي
الشروط الموضوعية و الشكلية لصحة الزواج

اترك تعليقاً