زيارة للمتحف المصري اعظم متاحف العالم
تتسم القاهرة بعدد من المعالم المميزة ، ومن ابرزها واهمها معالم قلب القاهرة بميدان التحرير حيث موقع المتحف المصرى احد اهم اعظم متاحف العالم نظرا لان المتحف المصرى يعتبر اول مبنى فى العالم أنشأ خصيصا ليكون متحفا للأثار ، كما انه احد اكبر متاحف العالم حيث يحتوى عدد من القطع الاثرية التى تتجاوز الـ 180 الف قطعة .
ويضم المتحف عدة مجموعات من القطع الاثرية ، تقسم حسبما العصور التاريخية لكل مجموعة وهى : عصور ما قبل التاريخ، عصر التأسيس، عصر الدولة القديم، عصر الدولة الوسطى، عصر الدولة الحديثة، العصور المتأخرة.
والمجموعة الاشهر بالمتحف تتبع عصر الدولة الحديثة وعلى رأسها مجموعة الفرعون الصغير توت عنخ آمون وتماثيل حتشبسوت وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني، بالإضافة إلى العجلات الحربية والبرديات والحلي ومجموعة إخناتون ولوحة إسرائيل وتمثالي أمنحتب الثالث وزوجته تي ومجموعة التمائم وأدوات الكتابة والزراعة.
ثم مجموعة المومياوات الملكية التي تعرض في قاعة خاصة بها والتي افتتحت عام 1994، إلى أن نقلت المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط ضمن مراسم حدث موكب المومياوات الملكية في الرابع من أبريل عام 2021، شهد المتحف المصري موكب المومياوات الملكية، حيث نقلت 22 مومياء ملكية (18 ملكًا وأربع ملكات) من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بمدينة الفسطاط، حيث تعرض المومياوات في صناديق أحدث للتحكم في الحرارة والرطوبة مقارنةً بالمتحف المصري.
ويرتبط الاهتمام بالاثار المصرية مع قدوم الحملة الفرنسية واكتشاف حجر رشيد عام 1799، ثم الاجحاف الشديد فى اكتشاف الاثار وتهريبها ، وقد اهتم محمد على باشا بقضية الاثار وقام بانشاء مصلحة للاثار وإنشاء المتحف المصري على ضفاف بركة الأزبكية ثم تم إلحاقه بمدرسة الألسن ، مع وفاة محمد على 1849 تم نقل الاثار إلى بصالة فى قلعة صلاح الدين .
لكن استمر نزيف سرقات وتهريب الاثار ومما زاد الأمر سوءًا كان إهداء الخديوي عباس الأول محتويات تلك الصالة كاملة إلى الدوق “مكسميليان” النمساوي أثناء زيارته القلعة ، ويبدو ان الخديوى عباس انتبه الى أهمية الاثار فقرر فرض رقابة شديدة للحيلولة دون سرق وتهريب الاثار.
فى عام 1850 قدم الى مصر عالم الاثار الفرنسى “أوجوست مارييت” الذي قام باكتشافات اثرية هامة والذي سعى لإقناع أولي الأمر بإنشاء مصلحة للآثار المصرية ومتحف مصري، وفى 1858 وافق الخديوي سعيد على إنشاء مصلحة للآثار المصرية، وقام بتعيين مارييت مأمورًا لأعمال الآثار في مصر وإدارة الحفائر.
بدأ مارييت في عمل برامج مكثفة للبحث الأثري، وأنشأ مخزنًا للآثار على ضفاف النيل ببولاق، والذي تحول إلى متحف عند اكتشاف كنز الملكة إياح حتب بمنطقة دراع أبو النجا بطيبة، وكان من أهم القطع المكتشفة التابوت الذي وجدت بداخله مجموعة من الجواهر والحلي والأسلحة التي كانت على درجة عالية من الروعة.
تحمس الخديوي سعيد لإنشاء متحف للآثار المصرية في بولاق وقد تم بناؤه في عهد الخديوي إسماعيل وافتتح للزيارة للمرة الأولى عام 1863، وكان المتحف في بدايته مبنًى ضخمًا يطل على النيل وسمي بدار الآثار القديمة أو الأنتكخانة ، إلا أنه تعرض لفيضان النيل في عام 1878 فغمرت المياه قاعات المتحف لدرجة أن مجموعة من المعروضات ذات القيمة الفنية العلمية قد فقدت.
اعتبر مارييت متحف بولاق مكانًا مؤقتاً وبعد حادث الفيضان وجد أن الفرصة سانحة للمطالبة بإنشاء مقر دائم للمتحف ذو قدرة كبيرة على استيعاب مجموعة أكبر من الآثار وفي الوقت نفسه يكون بعيدًا عن مسار الفيضان.
بعد وفاة مارييت خلفه عالم الاثار الفرنسى “جاستون ماسبيرو” وفي عام 1889 وصل الحال بمبنى بولاق إلى ذروة الازدحام ، وكانت الآثار التي يعثر عليها خلال الحفائر تترك في مراكب بمصر العليا لفترات طويلة مما أدى هذا الوضع المأساوي إلى تنازل الخديوي إسماعيل عن أحد قصوره بالجيزة في المكان الذي تقع به حديقة الحيوان الآن، ليكون المقر الجديد للمتحف.
وما بين صيف ونهاية عام 1889 كان قد تم نقل جميع الآثار من متحف بولاق إلى الجيزة، وقام بإعادة تنسيق القطع الأثرية في المتحف الجديد العالم الاثرى الفرنسى “دي مورجان” بصفته رئيسًا للمتحف الذى خلفه الاثرى عالم المصريات “فيكتور لوريه” ثم عاد ماسبيرو مرة أخرى ليدير المتحف الفترة 1899 – 1914.
فى 1897 ، قام بتصميم المتحف الحالى المعماري الفرنسي “مارسيل دورنون” وعلى ان يقام بالمنطقة الشمالية لميدان التحرير «الإسماعيلية سابقًا» على امتداد ثكنات الجيش البريطاني بالقاهرة عند قصر النيل، واحتفل بوضع حجر الأساس في 1 أبريل 1897 في حضور الخديوي عباس حلمي الثاني ، وتم الانتهاء من المشروع علي يد عالم الاثار الألماني “هرمان جرابو.”
فى 1902 ، كلف المهندس المعماري الإيطالي “إليساندرو بارازنتي” بنقل المجموعات الأثرية من قصر الخديوي إسماعيل بالجيزة إلى المتحف الجديد وهي العملية التي استُخدم خلالها خمسة آلاف عربة خشبية، أما الآثار الضخمة فقد تم نقلها على قطارين سُيِّرا ذهابًا وعودة نحو تسع عشرة مرة بين الجيزة وقصر النيل.
وقد حملت الشحنة الأولى نحو ثمانية وأربعين تابوتاً حجريًا، تزن ما يزيد على ألف طن إجمالًا، إلا أن عملية النقل قد شابتها الفوضى بعض الوقت، كما تم نقل ضريح “مارييت” إلى حديقة المتحف، تلبيةً لوصيته التي عبر فيها عن رغبته في أن يستقر جثمانه بحديقة المتحف مع الآثار التي قضى وقتا طويلًا في تجميعها خلال حياته.
في 15 نوفمبر1902 تم افتتاح المتحف المصري رسمياً، واعتمد المتحف الجديد على أسلوب عرض يقوم على ترتيب القاعات ترتيبًا تدريجيًا ولم يؤخذ في الاعتبار تخصيص حجرات لفترات الاضطراب، نظرًا أنها اعتبرت غير ذات أهمية تاريخية.
وقد صنفت الآثار بالمتحف حسب موضوعاتها، إلا أنه لأسباب معمارية ثم وضع التماثيل الضخمة في الدور الأرضي، في حين تم عرض الخبايا الجنائزية المكتشفة في الطابق الأول تبعًا للتسلسل التاريخي.
وفي كل يوم يتم وضع وتجميع آثار في عدد من الحجرات وفقا لموضوعاتها، وأصبح المتحف الوحيد في العالم المكدس بالآثار لدرجة أنه أصبح مخزناً، وعندما سُأل “ماسبيرو” عن السبب، أجاب بأن المتحف المصري هو صورة للمقبرة أو المعبد الفرعوني، فقد كان يستغل الفنان كل جزء فيه لوضع لوحة مرسومة أو نقوش هيروغليفية، بل إن المنزل المصري الحديث في ذلك الوقت كان يتم فيه وضع لوحات وصور بحيث يستغل كل جزء علي الحائط، أي أن المتحف صورة للمصري الحالي والقديم.
وقد تنافس على تشييد مبنى المتحف بالتحرير ثلاثة وسبعون مشروع تصميم، وفي النهاية اختير تصميم المهندس المعماري الفرنسي “مارسيل دورنون” الذي صمم عملًا إبداعيًا، ليكون أول متحف في العالم شيد ليكون متحفًا وليس مبنى معدل بناؤه إلى متحف، كما استعملت أساليب التشييد والبناء وطبقت وسائل العرض الحديثة خلال تلك الفترة.
ولقد تأثرت الأنماط والعناصر المعمارية في المتحف بالفن والعمارة الكلاسيكية اليونانية، ولم يحوي أي تأثيرات للفن المصري القديم والمعابد المصرية القديمة سوي في تصميم حجراته أو في تصميم قاعاته الداخلية، حيث يحاكي مدخل القاعات صروح المعابد المصرية القديمة.
تطوير المتحف
في عام 1983 تم تسجيل مبنى المتحف كمبنى أثري باعتبار أنه قيمة معمارية فريدة من نوعها، وفي أغسطس 2006 أجريت أكبر عملية تطوير للمتحف، بهدف جعله مقصدًا علميًا وثقافيًا، عن طريق إنشاء مركز ثقافي وملحق إداري تجاري على الجانب الغربي للمتحف مكان العشوائيات التي تم إزالتها.
ونظرًا لتعرض مبنى المتحف طوال سنوات لعدة تشوهات معمارية أخفت كثيرًا من جماليات تصميمه الأصلي بسبب عوامل خارجية مثل التلوث والكثافة المرورية، أطلقت وزارة الآثار في مايو 2012 مبادرة لوضع خطة لإعادة تأهيل المتحف بصورة شاملة ساهمت فيها وزارة الخارجية الألمانية بتمويل الدراسات اللازمة والأبحاث العلمية، كما شاركت جمعية “نوعية البيئة الدولية” في تنفيذ المبادرة لإعادة المتحف لحالته الأصلية وتم الانتهاء من المشروع بحلول عام 2016.
في نوفمبر 2018 افتتحت آخر أعمال تطوير المتحف والتي تضمنت إعادة سيناريو العرض المتحفي، وعرض مقتنيات يويا وتويا في الدور العلوي، بالإضافة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون لحين نقل باقي مقتنياته إلى المتحف المصري الكبير، وتمت تلك الأعمال تحت إشراف لجنة شارك فيها مديري أكبر المتاحف العالمية لوضع وجهة نظر علمية لإعادة توزيع القطع، بعد نقل الآثار المتعلقة بالمتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة، وهم مديري متاحف تورينو واللوفر ويونايتد وبرلين.
وجدير بالذكر فان بالمتحف مكتبة فريدة صاحبت افتتاح المتحف ، وتضم المكتبة حاليا أكثر من 50 ألف كتاب ومجلد من أندر الكتب في تخصص الآثار المصرية القديمة واليونانية والرومانية والشرق الأدنى القديم فضلًا عن تخصصات أخرى، ومن أهم تلك الكتب «كتاب وصف مصر» و«كتاب آثار مصر والنوبة» و«كتاب ليبسيوس»، وتحتوي المكتبة أيضًا على مجموعة نادرة من الخرائط واللوحات والصور.