عام

هل كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد؟

وجوه الربط بين الإسراء والمعراج والصلاة
هل كان الإسراء والمعراج بالروح والجسد؟ وهل كان يقظة أم مناما؟
((ستةٌ من الأدلة على ذلك))

الحمد لله رب العالمين، أعدّ لمَنْ أطاعه جنات النعيم، وسعرّ لمَنْ عصاه نار الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أيها الأحبة الكرام: عشنا في مقالات سابقة مع جوانب شتى من معجزة الإسراء والمعراج، تلك المعجزة التي وقعت لسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالروح والجسد يقظة، كما قال جمهور أهل العلم، وأدلتهم على ذلك كثيرة ومتعددة، وبيانها كالتالي:

(1) أننا نتحدث عن معجزة، والمعجزة هي الأمر الخارق للعادة الذي يرسله ويجريه الحق تبارك وتعالى على يدّ مدعي النبوة، تصديقًا له في دعوى النبوة، فليس ببعيد أن يسري الحق تبارك وتعالى بنبينا (صلى الله عليه وسلم) روحًا وجسدًا، ويقظة وليس منامًا.

(2) أن الحق تبارك وتعالى ابتدأ السورة القرآنية الوحيدة التي تحدثت عن معجزة الإسراء بلفظة (سبحان) التي تعني التنزيه والتعظيم والعجب، فقال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الإسراء:1]، فيكون معنى الآية: عجب من الذي أسرى بعبده روحًا وجسدًا ليلاً، أو نزه أيها المؤمن وعظم فعل اللهّ (عزّ وجلّ)، ولا تقسه على فعل المخلوقين، فلا عجب أن يكون الإسراء والمعراج بالروح والجسد، يقظة وليس منامًا.

(3) أن الحق تبارك وتعالى قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}، والعبد مكونٌ من روح وجسد، فدّل ذلك على أن الإسراء والمعراج، كان بالروح والجسد.

(4) أن الحق تبارك وتعالى قال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى*لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[النجم:17]، والبصر من آلات الجسد لا من آلات الروح، فدّل ذلك على الإسراء والمعراج بالروح والجسد، ويقظة وليس منامًا، وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}[الإسراء:60]: (هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، {وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ} هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) (رواه البخاري).

(5) البراق وركوب النبي (صلى الله عليه وسلم) له، والجسد هو الذي يحتاج إلى دابة يركبها، أما الروح لا تحتاج إلى مركوب، فهي تسرح في الفضاء كيفما شاءت، فدّل ذلك على الإسراء والمعراج بالروح والجسد.

(6) تكذيب المشركين للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وارتداد ضعاف الإيمان، وثبات أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، فقد قالوا له: (هل لك يا أبا بكر في صاحبك؟، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة. فقال لهم أبو بكر: إنكم تكذبون عليه، فقالوا بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس، فقال أبو بكر: والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يعجبكم من ذلك! فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه) (سيرة ابن هشام).

قال الحسن البصري (رحمه الله): (وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا}[الإسراء:60])، ولو كان الإسراء والمعراج بالروح فقط أو في المنام وليس اليقظة ما كذبوه (صلى الله عليه وسلم)، وما ارتد ضعاف الإيمان، وما لقب أبو بكر (رضي الله عنه بالصديق.

والله أعلى وأعلم، وهو المستعان وعليه التكلان

كتبه

الشيخ الدكتور

مسعد أحمد سعد الشايب

السابق
الأمثال والحكم الشعبية
التالي
معركة القلوب الطيبة

تعليق واحد

أضف تعليقا

  1. التنبيهات : بعد نجاح أغنية "تقول تبغاني" أصالة تستعد لطرح أحدث أغانيها.  : Zahuaa زهوة

اترك تعليقاً