صديقتي المتغيبة عن ناظري الساكنة وجداني
أكتب إليك في جوف هذه الليلة الشتوية الباردة، لأنقل لك ما فاتك من أخبار البلاد، ولأخفف عنك أعباء الإغتراب قليلا… اطمئني عزيزتي الأوضاع هنا على حالها. الكل يسعى بكل ما أوتي من جهد وعزم وراء قوت يومه. وباله منشغل بحاجيات الأسرة والأبناء من لباس يقي برد الشتاء عنهم وأكل يسد رمق جوعهم وكتب تروي ضمأ قلوب متعطشة للمعرفة. أما عني فلا تسألي لازلت أستيقظ كل صباح على صوت العصافير وعبق الياسمين، أقف بجانب النافذة وأتفرس في ملامح المارة وهي تروي قصص نجاح مختلفة، أرى على وجه امرأة خطوطا من التجاعيد خطها الزمن على حين غفلة منها وهي تقضي العمر تجني الزيتون وتترنم بأهازيج بدوية تنسيها مرارة التعب.
وأرى في عيني أب يتأبط ذراع ابنته ليسلّمها إلى والدها الروحي “معلمها” نظرة أمل لا حدود لها كأني بعينيه تقولان: ” أنت أملي وآخر فرصي يا ابنتي فكوني كما يحلو لكلانا أن تكوني.” وأرى في عيون المتعبين من عصف الرياح وبرد الشتاء وحر الصيف وما في هذه البلاد من شقاء أرى أثرا لقول الشابي:” اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.”
كيف لا يا عزيزتي الكل هنا حماة لهذا الوطن، رجال ونساء لكل فداء لأرض الوطن. ألا ترين لازال فينا من يسقي الأرض بدمع العيون لو شح المطر. وفينا من يغني للحياة رغم ضيق المحن. وفينا من ينير العقول على كثرة الفتن. في هذا البلد لا أثر للإستسلام. المرأة هنا كالنحلة تقدم بسخاء ولحظة الموت تموت واقفة شامخة حتى يقال كانت من حماة الوطن.
والرجل هنا كغصن الزيتون كلما كبر ازداد عطاؤه ورفع شأنه.
السلام عليكم
أستاذة مدارس ابتدائيةأميمة محمد: