عام

دقّت الأجراس معلنة …

  دقّت الأجراس معلنة … ماذا ؟ أصابني الوجل ، أحلّت ساعة الإعلان ؟ أحان الأوان دون سابق إنذار ؟ يا ويلتاه ᴉ نهضت نهوض مجنون فقد بوصلته ، بل أنا من فقد صوابه ، الفزع يحيط بي من كلّ الجوانب ، دوّامة تطوف بي ، وجسدي ᴉ؟… كأنّه في أديم الأرض ينصهر ، ضاع عقلي ، من أكون ؟ تبعثرت الكلمات من حولي …تطايرت الحروف ،… تداخلت الحركات … أصبحت كلّها في حالة غليان … وأنا … اكتنـفـني الهذيان ، تشابكت خلاياي ، بحثت عن ذكراي … ذاكرتي ؟ أصرخ في جنون : ذاكرتي ؟ أمسك رأسي بين يديّ … ذاكرتي .. أشفقي عليّ : من أكون ؟ يخنقني صمتها وانجذابها إلى مارد في هدوء يسوقها إلى دهاليز الظّلام ، يداي ؟ اتركا رأسي وتحرّكا ، أسرعي أصابعي والتقطي من المتبعثر ما يؤلّـفني ، ألّفي بي أنا … ولكن من أنا ؟ أفتقد معنى الأنا … أحنّ إلى الأنا … أتاهت بين الثّنايا تشكّلاتها ؟ أتريد ظلمة الدّهاليز افتكاكها ؟ مجرّد التفكير في ضياعي يرعبني … يزداد جزعي ، من أكون ؟ ألتقط أنفاسي بالتقاطي بعضا ممّا تناثر أملا في رمق حياة ، وأعيد التّرتيب لعلّ من أكون تتجلّى : أنسى ؟ طبعا أريد أن أنسى ، أنسى ظُلم من تكبّر ، وقسوة من تجبّر ، أنسى الأحقاد الدّفينة والآلام العميقة ، أنسى كلمات الأذى ولحظات الأسى ، نعم أنسى ، كي أواجه دهاليز الظّلام ، فدهاليز الظّلام تٌـــذكي بل تؤجّج نار المتكبّرين المتجبّرين الحاقدين وتنسج لهم من ظلامها خيوطا يحبكونها في كلّ مرّة بمهارة أخبث وأشدّ ايلاما ، فعلا أنا أنسى ، غير أنّه لا يمكنني ان أنسى من أكون ، أكره دهاليز الظّلام التّي تحاصر ذاكرتي وتجذبها إليها في هدوء ، تخيفني ظلمتها ، أكره التّلاشي ، أرتعد ، تعصف الرّياح ، سترحل الحروف والحركات ، ومن أكون … تتوه ؟ᴉ هيّا أصابعي انسجي من سحرك وصفة تساعدك على اقتناص فرصة وصياغتي من جديد ، الزّمن لا يرحم المتخاذلين المتأخرين الغافلين ، سارعيه ، قاوميه ، ابحثي عنّي بالحرف ، بالحركة ، بالسّكون ، بها ألّـفيني وأثبتي لي وله من أكون ، الظّلمة تقترب ، الأجراس تُدقّ ، أحانت ساعة الإعلان ؟…. لا أريد التّلاشي دون حروفي وحركاتي وحتّى سكناتي ، لا أريد أن أكون نكرة ، فالنّكرة بلا هويّة ، عشبة طفيليّة ، تُلـقًى إلى الظّلام وقد لاكتها الأفواه وداستها الأقدام ، امتدّت يدي في عصبيّة واعية ، وفي لمح بصر وباختيار قدر أمسكت بضعة حروف وحركات ومزجتها ورفعتها فاتحة كفّها أمام تيّار الظّلام وبأصابعها رسمت بصمتها مؤلّفة هويّتي : إنــســــــان …. نعم أنا إنسان ….
  الفاعل في الزّمن … صاحب البصمة والإنجاز … القادر على التّغيير والهدم والبناء من جديد … المفكّر المبدع … عدوّ الظّلام … عاشق النّور
    تعافت ذاكرتي وبقيت تردّد أنشودة هويّتي رغم انّ الأجراس دقّت معلنة
دقّت الأجراس معلنة ...
دقّت الأجراس معلنة …
السابق
حدائق الشلالات 
التالي
حكاية حارق 

اترك تعليقاً