رمضان بنكهة صفاقسية
رمضان بنكهة صفاقسية
بقلم / مريم هدريش
رمضان بنكهة صفاقسية كما هو معروف لدى الجميع مدينة ممتدّة الأطراف فمن البديهي أن تكتظّ أسواقها قبل قدوم رمضان ولا تسل لِمَ كل الأهالي يؤجلون شراء مقتنيات الشّهر المبارك إلى آخر رمق من شعبان رغم معرفتهم المسبقة بالاكتظاظ الرهيب الذي سيجدون أنفسهم بداخله (والذي ربما يستمتعون به بطريقة لا واعية) لأن الجواب سيكون “تلك العادة والسُّنة” … هكذا هي العادات تحاول جاهدة أن تُصبغ بنفسٍ ديني كي تجد مشروعيّة وتضمن استمراريتها أو بالأحرى أُريد لها البقاء … هم أهالي مدينة صفاقس يودون معايشة أجواء رمضان المبارك كالعادة التي دأبوا عليها لسنين طوال … تراهم يطوفون بين الأسواق ويستمعون للباعة الذين يسعوْن جاهدين لبيع بضاعتهم، فتراهم تارة يصرخون بالأسعار وتارة يحاولون جلب المستهلك بشتى أنواع الأساليب والإغراءات والجميل في الأمر كله تلك الدعابات التلقائية التي تُتَبادل بين الباعة والأهالي وبين الباعة أنفسهم فتنبعث الابتسامة والضّحكات الصاخبة تحاكي صخب الأسواق ومن غرائب الأمور أن تلك الفوضى تضفي أرياحية في النفوس … في نَفس من يتأمل عمق الحركية والنّشاط الذي تمتلئ به شوارع صفاقس التي عُرفت بحبّ العمل والإتقان فيه … ترى أنامل صانع الحلويات تبدع في رسم الأشكال كي تُطهى “المخارق والزلابية” كما ينبغي وكما يشتهي المشتري … ترى بائع الأسماك يسمي لك شتّى الأسماء ويعدّد لك الفوائد … ترى حوانيت الصناعة التّقلدية من ملابس وأغراض تعج بالعاملين منهمكين في صناعتهم بإتقان لا نظير له منصتين إلى صوت المذياع الذي يصدع ببرامج إذاعة صفاقس التي لا تكاد تمر من أي جهة إلا وتسمع صداها يرن في الأرجاء … وكل هذه الأجواء تمتزج مع قرآن يُتلى بصوت الشيخ “علي البراق” تصدح في شوارع صفاقس يتخللها صراخ وضحكات الأطفال الذين هم أشدّ فرحا بقدوم الشهر الكريم من الكبار أنفسهم لأنه يمثل لهم متنفّسا وفرصة لللعب في ليالي رمضان المباركة التي يشعر فيها المؤمن بالطمأنينة والسكينة … مهما كان سنك ستشعر بأنسه …
نحمد الله على نعمة الإسلام الذي كتب علينا صيام رمضان رحمة بنا … جعله الله شهر خير وبركة على كل ربوع وطننا الجميل وعلى كل العالم العربي والإسلامي .