التعليم

التعصب الكروي —أمرٌ لا يتفق مع إسلامنا ولا شهامة المصريين

((التعصب الكروي))

(أمرٌ لا يتفق مع إسلامنا ولا شهامة المصريين)

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فمن الأمور التي فشت وانتشرت في مجتمعنا المصري وهي تتنافى مع قيمنا الإسلامية وشهامتنا المصرية ـ التعصب الكروي لفريق ما من الفرق المتنافسة.

((حرمة التعصب وأدلة ذلك))

والتعصب محرمٌ ومذمومٌ في شريعتنا الإسلامية الغراء ـ إذا كان بغير وجه حق ـ سواء أكان لمذهب فقهي، أو لجماعة، أو لعصبة أو قبيلة، أو عائلة، فما بالنا إذا كان لفريق كروي وللعبة كل فائدتها الترفيه وحسب.

فعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: انتهيت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو في قبة من أدم (جلد)، فقال: (مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ، فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الَّذِي رُدِّيَ، فَهُوَ يُنْزَعُ بِذَنَبِهِ) (رواه أبو داود)، ومعناه: إنه قد وقع في الإثم، وهلك كهذا الحيوان الذي سقط في بئر، فصار ينزع بذيله ولا يستطيع الخروج.
وعن جبير بن مطعم، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ) (رواه أبو داود).

وعن واثلة بن الأسقع قال: سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت: يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟. قال: (لَا، وَلَكِنْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ) (رواه ابن ماجه).

وفي غزوة المريسيع (بني المصطلق) كسع رجل من المهاجرين، رجلًا من الأنصار (لطمه على وجهه)، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: (مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ). قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: (دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ) (متفق عليه).

((الآثار السيئة المترتبة على التعصب))

فالتعصب بكل صوره وأشكاله وأنواعه ـ ومنه التعصب الكروي ـ محرمٌ ومذموم؛ لأجل هذه النصوص الشرعية المتقدمة، ولما يترتب عليه من آثار سيئة، كالآتي: ـ

1. التعصب عمومًا من خصال الجاهلية، كما تقدم من قول النبي (صلى الله عليه وسلم).

2. التعصب عمومًا ينافي ما دعت إليه الشريعة الإسلامية من التآخي والترابط والتلاحم؛ لأنه يقطع أواصر الودّ والمحبة والترابط بين الأفراد والمجتمعات، بل وبين الدول وبعضها البعض كما رأينا ونرى على أرض الواقع، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات:10]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) (متفق عليه).

3. التعصب الكروي قد يؤدي إلى الموت، وقد رأينا ذلك في بعض مباريات كرة القدم، والموت على تلك الحالة من خصال الجاهلية، وقد حذر منه النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: (…وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي…) (رواه مسلم).

4. التعصب الكروي يؤدي إلى مجموعة من الأخلاق السيئة التي تنافي تعاليم الإسلام، وتضيع أجر وثواب العبادات والطاعات، كالسباب والشتائم، والهمز واللمز، والسخرية، والاستهزاء، والاحتقار، والازدراء أو ما يسمى ويعرف بين الشباب بـــــ (التحفيل)، وخصوصًا على صفحات التواصل الاجتماعي، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) (مسند أحمد)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ) (رواه البخاري)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (وَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَيُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الخل العسل) (اصطناع المعروف لابن أبي الدنيا).

5. المتعصب مردود الشهادة عند فقهاء الشافعية، قال الإمام الشافعي (رحمه الله): (من أظهر العصبية بالكلام وتألف عليها ودعا إليها فهو مردود الشهادة؛ لأنه أتى محرمًا لا اختلاف فيه بين علماء المسلمين علمته). واحتج بقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وبقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) (السنن الكبرى للبيهقي).

التعصب الكروي —أمرٌ لا يتفق مع إسلامنا ولا شهامة المصريين
والله المستعان، وعليه التكلان وهو الموفق، والهادي لسواء السبيل
دكتور/ مسعد الشايب
مواضيع أخرى للمجلة.     لماذا يعاني المجتمع من ظاهرة التحرش؟
ساعة لقلبك وساعة لربك فهمها الصحيح
ساعة لقلبك وساعة لربك فهمها الصحيح
السابق
طرح تطبيق على الهاتف لتتبع كورونا
التالي
الذكرى السادسة لرحيل الكاتبة رضوى عاشور

اترك تعليقاً