كتب/الدكتور الشيخ مسعد احمد سعد الشايب
((صلاة نوافل غير منتشرة))
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فإن الصلاة هي خيرُ موضوعٍ، ولم لا؟ وقد فرضت في السموات بدون وساطة بين الحق تبارك وتعالى والنبي (صلى الله عليه وسلم)، كما أنها صلة بين العبد وربه، ومناجاة بينهما.
والصلاة: منها ما هو مفروضٌ، ومنها ما هو نوافل مسنون، والنوافل المسنونة: منها ما هو تابعٌ للفرائض الخمس ويسمى (السنن الرواتب)، ومنها ما هو نوافل مطلقة غير تابعة للفرائض ليس لها زمنٌ ووقت محدد، وإنما تصلى في أي ساعة من الليل أو النهار عند فقهاء الشافعية ومَنْ وافقهم؛ لأنها صلاة لها سبب، ولا تصلى في أوقات الكراهية الخمسة عند فقهاء الأحناف ومن وافقهم، ومن هذه الصلوات ما يأتي:
1. التطوع المطلق بلا عدد معروف في غير أوقات الكراهية الخمسة، فقد صلى
سيدنا أبو ذرّ (رضي الله عنه) عددًا كثيرًا من الركعات فلمّا سلمّ قال له الأحنف بن قيس: هل تدري انصرفت على شفع أم على وتر؟. قال: إن لا أكُ لا أدري فإن الله يدري، إني سمعت خليلي أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم) يقول ثم بكى، ثم قال: إني سمعت خليلي أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم) يقول: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً) (رواه أحمد).
2. صلاة الإشراق، وهي ركعتان على الأقل تصليان بعد صلاة الفجر في جماعة ثم
الجلوس لذكر الله (عزّ وجلّ) حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح (عشرون دقيقة من بعد وقت الشروق)؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ) (رواه الترمذي)، وبعض الفقهاء على أنها تجزئ عن صلاة الضحى؛ لقول أم هانئ (رضى الله عنها): (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي بَيْتِي فَصَلَّى صَلَاةَ الضُّحَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ)، فخرج ابن عباس وهو يقول: (لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا عَرَفْتُ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ إِلَّا السَّاعَةَ، {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ}[ص:18]،ثم قال: (هَذِهِ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ) (المستدرك للحاكم).
3. صلاة التطهر، وهي ركعتان على الأقل أيضًا تصليان بعد أي تطهر (وضوء أو غسل)
في أي ساعة من الليل أو النهار؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) عند صلاة الفجر: (يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ (صوت تحريك) نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ). قال: ما عملت عملا أرجى عندي: أني لم أتطهر طهورا، في ساعة ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. (متفق عليه).
4. صلاة الحاجة، وهي ركعتان على الأقل أيضًا تصليان بعد أي تطهر (وضوء أو
غسل) في أي ساعة من الليل أو النهار، ثم يتوجه إلى الله بالتضرع والدعاء ويطلب حاجته، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}[البقرة:153]، وعن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه): (كَانَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى) (رواه أبو داود)، وعن عثمان بن حنيف، أن رجلا ضرير البصر أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: ادع الله أن يعافيني قال: (إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قال فادعه. قال: (فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ) (رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وهو صحيح).
5. صلاة التوبة، وهي صلاة ركعتين بنية التوبة من الذنوب والمعاصي والرجوع إلى
الله (عزّ وجلّ)، نقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن الكريم بعدها، ونركع ونسجد ونؤديهما كالصلوات الخمس تمامًا حتى السلام والخروج منهما، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، ثُمَّ يَقُومُ، فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ, ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى لِذَلِكَ الذَّنْبِ إِلَّا غَفَرَ اللهُ لَهُ , وَقَرَأَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللهَ يَجِدْ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا}، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهَ , وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}) (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد).
6. صلاة التسابيح، وهي أربع ركعات كما علمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
قال لعمه (رضي الله عنه) فقال: (يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلَا أُعْطِيكَ، أَلَا أَمْنَحُكَ، أَلَا أَحْبُوكَ، أَلَا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ، إِذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ: أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً) (رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والطبراني في الكبير والأوسط، والبيهقي في السنن والشعب، وغيرهم وهو حسن).
والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب
للمجلة مواضيع أخرى
الفرق بين الطلاق و التطليق و الخلع في الفقه و القانون
أصلي وأعصي الله هل أترك الصلاة؟
التنبيهات : أضرار ومخاطر صالات الجيم ومراكز التدريب المختلطة : Zahuaa زهوة
التنبيهات : ميراث المرأة بين عدل التشريع وظلم الأعراف والتقاليد : Zahuaa زهوة