من مكائد المطلقين والمطلقات، وأضرارها الاجتماعية
(مخالفات شرعية يدفع ثمنها الأبناء وتدمر العلاقات الاجتماعية)
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين، سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فإن أبغض الحلال عند الله الطلاق كما صحّ من قول سيدنا عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما)، ومن عجيب أمر المنفصلين أنهم ينسون قول الله (عزّ وجلّ): {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة:216]، وقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}[النساء:130]، ومِنْ ثَمَ يلجئون لمكايدة بعضهم البعض، كالتالي:
1. الشكاوى والدعاوى الكيدية من الطرفين الذكر والأنثى، كدعوى تبديد قائمة الزوجية (العفش والأثاث)، ودعوى التعدي والسبّ، والإهمال…الخ، وهذه الشكاوى وتلك الدعاوى من باب التسبب في الإيذاء للأخرين، والله (عزّ وجلّ) بقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب:58]، كما أنها من باب الزور والتشبع بما لم يعط، قال (صلى الله عليه وسلم): (المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) (متفق عليه).
2. تشويه السمعة والعرض، بهدف المنع من الزواج بالغير، وهذا من أكبر الكبائر، ويؤثر على العلاقة بين أسرة الطرفين، وقد يتسبب في مشاكل مدمرة، ولو كان بين الطرفين أولاد فإنه يؤثر على نفسيتهم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}[النور:23ـ25]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ). قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ) (متفق عليه).
3. الحرمان من رؤية الأولاد والتحايل على ذلك، وهذا أيضا من الأمور الشنيعة، ويسبب حرمان الأولاد من حنان أحد الوالدين مما يسبب بعد ذلك عقدًا نفسية لهم، وهو اعتداء على حق أصيل لكل من الطرفين.
4. ادعاء العجز الجنسي للرجل، بهدف التشويه وإلقاء اللوم عليه وأنه السبب في الطلاق، وهذا نوعٌ من أنواع الكذب والبهتان، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟). قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ). قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟. قال: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ) (رواه مسلم)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (…وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) (متفق عليه)، ومن هذا الضرب ادعاء بخل الرجل وعدم نفقته على أولاده، وادعاء بلادة المرأة وعدم إجادتها للطهي وأعمال المنزل… وهكذا.
5. تزوير أوراق وتحريات النفقة الشهرية سواء بالزيادة من المرأة أو النقصان من الرجل، وهذا نوعٌ من أنواع تضليل العدالة، وضربٌ من الكذب، وشعبة من التدليس والتزوير، قال (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) (متفق عليه).
إن هذه المكائد تتسبب في دمار المجتمعات وخراب البيوت، وتقطع أواصر اللُحمة الاجتماعية بين الأسر والأفراد، فضلًا عن العقد النفسية التي تسببها للرجل والمرأة والطفل، وينتج عنها مشكلات اجتماعية لا حصر لها، وفوق كل ذلك هي مخالفات شريعة ينبغي للمؤمن أن يتحرز منها.
والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب
تابع مواضيع أخرى للمجلة
جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم