منوعات

زهوة” في جولة بأحد أسواق الأعشاب

هدى شهاب

“زهوة” في جولة بأحد أسواق الأعشاب

المصريين يهربون من ارتفاع أسعار الدواء بالأعشاب و الطب البديل

كعادة المصريين دائما ما يبحثون عن طرق بديلة لمواجهة الأزمات الإقتصادية التي تلحق بهم و نار الأسعار التي طالت كافة السلع و الخدمات، لذا اكتشف المصريين طرقا جديدة لترشيد الاستهلاك و ترشيد النفقات فى كافة نواحى حياتهم من أجل النجاة من مطحنة الأسعار، مع تفاقم أزمة الأدوية و الزيادات المتكررة لأسعار الأدوية المحلية والمستوردة كنتيجة لارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في نوفمبر عام 2016 ،و مع التوقعات الجديدة بارتفاعها مرة أخرى فى الفترة المقبلة لاسيما إنتشار وباء كورونا الذي جعل عدد من الأدوية تختفي من الأسواق بسبب الإقبال عليها أو استخدامها في علاج المرضى، من هنا أصبح الدواء أحد الأمور التي تُثقل كاهل المواطنين بمختلف فئاتهم المادية، وخصوصا الفقراء ومحدودى الدخل الأمر الذى دفعهم بالعودة بالزمن لعقود ماضية عندما كان التداوى بالأعشاب والطب البديل شيئا طبيعيا فباتوا مجبرين على الإستعانة بالأعشاب المنزلية و الخلطات التقليدية للهروب من شبح الأسعار الباهظة للكشف عند طبيب مختص و الفحوصات و الأدوية التي أصبحت حِكراً على القادرين و الأغنياء من أبناء الشعب المصري…
“زهوة” تجولت بحي السيدة زينب أحد أقدم الأحياء المصرية التي تشتهر بمحال العطارة المتخصصة في بيع الأعشاب، والتي تحولت إلى قِبلة للمواطنين الباحثين عن الشفاء بإختيار ما يناسبهم من الوصفات الطبيعة و الأعشاب الطبية كبديل للأدوية لتصبح تلك الأعشاب التي تتنوع ما بين الأعشاب المتوفرة لعلاج المعدة و العقم، و تفتيت الحصوات إلى المكملات الغذائية و غيرها بديلاً عن الأدوية الكيماوية نتيجة ارتفاع أسعارها بدرجة لا تتناسب مع الحالة المادية لهم.

زهوة” في جولة بأحد أسواق الأعشاب

الأعشاب بديل الأدوية

في محلات العلاج بالأعشاب يتشابه دور العطار مع الصيدلي حيث يقوم الزبائن بشرح حالتهم من ثَم يقوم العطار بإعداد مزيج من العلاجات العشبية بمكونات مختلفة وفقاً لحالة كل مريض، من جهته قال خبير الأعشاب الحاج”عبد الحميد فرغلي” أحد العطارين” :«خلال العامين الماضيين انتعشت تجارة الأعشاب بشكل ملحوظ لاسيما و أن وصفاتنا أرخص من الأدوية التقليدية التي تُباع بالصيدليات، فعلى الرغم من أن الأعشاب دائماً أرخص العلاجات إلا أن تلك الطريقة للتداوى كانت على وشك أن تختفي من بعض الأماكن خاصة في الفترات التي كان فيها الدواء متاح بأسعار معقولة و في متناول جميع الفئات، ولكن الارتفاع الجنونى للدواء خلال الفترة الأخيرة هو ما دفع الناس للعودة إلي الطب البديل مرة أخرى»، مؤكدا أن مبيعات الاعشاب لم تعد مقتصرة على الفقراء و المعوزين للتداوى بها، و لكنها امتدت لتشمل فئات أعلى من الموظفين والمتعلمين ممن اتخذوا تلك الطريقة كمخرج للحالة الاقتصادية السيئة، وعدم الاقتراض من أجل العلاج.

و بالحديث عن قدرة الأعشاب في علاج المرضى أكد “فرغلي”، أن هناك وصفات بالأعشاب لها مفعول علاجى على المرضى يساوى الأدوية الطبية تماما ومجربة وآمنة تماما.قائلا:«إن التداوى بالأعشاب يبدأ من الأعراض المرضية البسيطة، ويمتد إلى أكثر الأمراض تعقيدا و خطورة؛ فالأعشاب متوفّرة لكل الأمراض على إختلاف أنواعها فهناك وصفات لعلاج كل الظواهر المرضية.فمثلا يتم استخدام كلا من البردقوش و الميرامية و عشبة الحرمل و غيرهم لعلاج تأخرالإنجاب، كما يتم استخدام “التين المجفف” و”الحنضل” لعلاج إلتهاب البواسير،أما آلام العظام فيستخدم لها “دهن النعام” و “حب الرشاد” و “حبوب الخردل”، أما سقوط الشعر فيعالج بزيت “الحشيشة الخضراء”، و هناك أعشاب أخرى لعلاج الأمراض الخفيفة و هى من الأعشاب التي تتحقق نسب مبيعات مرتفعة لاسيما مع بداية فيروس كورونا العام الماضي كالاعشاب المحفزة لجهاز المناعة و المكملات الغذائية مثل “الحلف البر” و “الزنجبيل” و “الكركم” و “البابونج” و “عشب الليمون” الغني بفيتامين سي، فضلا عن أدوية علاج المفاصل كـ”القرفة” و “زيت أوراق الكافور” و “زيت أبو فاس” »..و عن إقبال المواطنين أردف قائلا:«معظم الناس بتسأل عن الأسعار ثم يقرروا أن يشتروا لإن الأسعار بتكون في متناول المواطن العادي و لكن الإقبال الآن أصبح على وصفات مرتبطة بأمراض فصل الشتاء و الوقاية من فيروس الكورونا، مثل الأعشاب المعالجة لنزلات البرد والسعال. أو الإنفلونزا و أوجاع الحلق أو المغص و الأعشاب الأشهر في هذا الوقت “الزنجبيل ، ورق الجوافة والتليو”».
إقبال مكثف

زهوة" في جولة بأحد أسواق الأعشاب
زهوة” في جولة بأحد أسواق الأعشاب

و من داخل أحد محال العطارة تقابلنا مع الحاج “رمضان المحمدي” الخبير في العلاج بالأعشاب لفترة عمله في مجال العطارة التي تتجاوز 30 عاما لاسيما و أنه ورث المهنة أبًا عن جد ليعمل الآن معتمدا على الوصفات العلاجية المتوارثة و تقديم النصيحة المناسبة للزبائن الذين اصطفوا أمام مدخله راغبين فى استشارته و شراء وصفة عشبية تشفى أوجاعهم, فبدأ حديثه عن نسب الإقبال على محلاته قائلا:«إن سوق العطارة قديمة فى مصر ولها قدسيتها عند غالبية المصريين خاصة المحال المشهورة التي تعمل على وصفات ترجع لآلاف السنين، كتبها أطباء وعلماء سواء من العصور العربية الإسلامية أو غيرها فبعضها يعود إلى العصر الفرعونى توارتثها الأجيال من جيل لآخر,فسوق الأعشاب لها زبائنها في كافة العصور و الأوقات».
و بالحديث عن حركة البيع أردف”المحمدي”قائلا:« منذ فترة طويلة لم ألمس إقبالا مكثفا على سوق الأعشاب و العلاجات البديلة مثل هذه الأيام»,مؤكدا أن العلاج بالأعشاب والوصفات والطب البديل بدأ ينتشر مجدداً فى الأشهر الفائتة بسبب ارتفاع أسعار الأدوية بشكلٍ ما اضطر معه المواطنين إلى اللجوء إلى الوصفات الطبية وطب الأعشاب.
أما عن أنواع الأعشاب الأكثر طلبا استطرد قائلا:« تعد أعشاب التخسيس أحد أهم الأصناف التي دائما ما يقبل عليها الزبائن و التي تُعد خلطة من عدة مكونات للتخسيس من البردقوش، و الزنجبيل و القرفة والنعناع الفلفي لزيادة حرق الدهون،أما لمشاكل الهضم و القولون فيستخدم العرقسوس،و السنامكي والراوند الهندي،فضلا عن مسحوق قشور الرمان و الكزبرة الخضرة لعلاج الكبد و تنظيفه من السموم.ومن الأعشاب الأخرى الأكثر رواجًا.الأعشاب المضادة لأمراض البرد والحصوات التي تصيب الكلي والمسالك البولية». مؤكدا إنه لا فرق كبيراً بين طب الأعشاب وطب الأدوية المتطوّرة، لاسيما و أن معظم أنواع الأدوية الحديثة التي تُباع بمبالغ مادية كبيرة يتم استخلاصها من الأعشاب التي يبيعها.

أسعار الأعشاب

وكانت سلسلة من التدابير الاقتصادية ألحقت الضرر بالقدرة على توفير الأدوية في الصيدليات وأدت إلى زيادة سعر بعض الأدوية عموماً، وحتى الأدوية التي يتم الاعتماد عليها للبقاء على قيد الحياة في أعقاب ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنية المصري وضعت وزارة الصحة زيادات متكررة على الأدوية بنسب تراوحت ما بين 30 إلى 50%، في محاولة لمعالجة مشكلة نقص الدواء.في المقابل، لم تتراوح الزيادة في أسعار التوابل والأعشاب المحلية بين 5 إلى 20 % ؛وهو ما يعده بعض الزبائن معقولاً بالمقارنة بأسعار الأدوية في الصيدليات. فيما يعده البعض الآخر أزمة جديدة لهم فعند التوجه لمحال العطارة يصطدمون بأثمان الأعشاب والعطارة التي ارتفعت أيضًا.
و بالحديث عن أسعار الأعشاب و الزيوت المستوردة تابع”المحمدى”قائلا:«تختلف أسعار الأعشاب بين المحلية و المستوردة، فالأصناف المستوردة من الهند و السودان ارتفعت أسعارها بنسب تراوحت ما بين 80- 100% في الكيلو الواحد مثل “التليو” الذي كان يباع 120 جنيهًا للكيلو الواحد و ارتفع إلى 250 جنيه في الوقت الحالي، كما ارتفع سعر الكراوية من 20لـ45 جنيهًا للكيلو الواحد و بلغ سعر كيلو الكمون يترواوح بين 80 إلى 90 جنيهًا، وهي أصناف مخصصة لعلاج المعدة لدى حديثي الولادة والرضع و للعلاجات المنزلية المعتادة لألام البطن، بالإضافة لإرتفاع سعر الزنجيبل الهندي و القرفة بنسبة 25% ليباعا بسعر 150 جنيها للكيلو، بينما أصبح سعر حبة البركة المستوردة من نيجيريا وسوريا أكثر من ضعف الثمن القديم فيما بلغ سعر كيلو الحبهان 250 جنيهًا و ورق اللورى 30 جنيها و بلغ سعر كيلو الحبهان 120 جنيهاً »

من جانبه قال محمد زايد “تاجر عطارة”، عن أسعار خلطات الأعشاب في محله «إن الأعشاب تُعتبر حتى اليوم دواءاً رخيصا نوعاً ما فيما لو قارناه بأسعار الأدوية العادية حتى مع ارتفاع سعر المستورد من الأعشاب سيظل أقل سعرا من الادوية الكيميائية، فالأعشاب تُباع بمبالغ بسيطة وبإمكان المريض أن يحصل على كفايته فقط كون هذه الأعشاب تُباع حسب وزنها بالجرام الواحد» و.أضاف قائلا: « يبلغ سعر الـ 100 غرام من عشبه البابونج 9 جنيهات، وهو يكفي للشرب ثلاث مرات، فيما يبلغ الـ 100 جرام من عشبة الحلبة 18 جنيها، والحنظل 15 جنيها والسنامكي 18 جنيها، وهي مبالغ يستطيع أصحاب الدخل المحدود دفعها والحصول على الخدمة الطبية» و من الأعشاب الطبية إلى منتجات العناية بالشعر و البشرة التي أصبحت في متناول فئة واحدة من الشعب ألا و هى طبقة القادرين فزيوت الشعر و كريمات البشرة المستوردة تتراوح أسعارها بين 200 إلى 500 جنيهاً و يمكن أن تكسر حاجز الـ 1000 جنيهاً لذا يلجأ الأغلبية إلى الزيوت الطبيعية و الوصفات التجميلية التي يصفها العطارين، في هذا السياق يقول “زايد” :” تأتي معظم كريمات التجميل مستوردة من الخارج فتتأثر بإرتفاع سعر الدولار و العملات الأجنبية فتصل للمستهلك بأسعار فلكية، و حتى المنتجات التجميلية التي تصنعها و تنتجها الشركات المصرية أيضاً مرتفعة السعر نسبياً نظراً للتقنيات المستخدمة في صنعها و تغليفها و توصيلها ليد المشتري، و لذا الأعشاب و الزيوت الطبيعية هى الحل الأمثل لغير القادرين فنحن لدينا من الطبيعة وصفات لتفتيح البشرة و إزالة البثور و إطالة الشعر و تكثيفه، فالوصفات التي تحتوي على الطين البركاني ، و النشا تعمل على تفتيح البشرة، و لإطالة الشعر لدينا زيت اليقطين و الجزر و لكثافته زيت الثوم جيد جداً لحالات تساقط الشعر،و غيرها من الوصفات المجربة”.

طبيعة الزبائن

من أمام أحد محلات العطارة التقينا بعدد من المشترون الذين يتنوعون من حيث الطبقات والمستوى الاجتماعي والثقافي الباحثين عن وصفة أو استشارة من العطار المختص.من جهته أكد أحمد عبد المولى”موظف حكومي” إنه كان في الماضي لا يستعين إلا بالأدوية الطبية لثقته التامة بسرعة الشفاء و جودة التركيبة قائلا:« دائما ما كنت بستخدم الأعشاب في الحالات و الأوجاع البسيطة وفي الحالات الخطيرة التي تحتاج لعلاج عاجل كنت أذهب للمستشفى و لكن في الفترة القليلة الماضية أتجهت أنا و عائلتي للتداوى بالأعشاب خاصة و إني لا أملك خيارا آخر، حتى وإن كانت مدة الشفاء أطول؛ فميزانيتي لن تتحمل مصاريف الأطباء على العكس من الأعشاب التى تعتبر دواءً رخيصاً؛ فكشف الطبيب حاليا بيتراوح ما بين ما بين 100 إلى 250 جنيها في حين أن إجراء التحاليل والصور الإشعاعية بات صعب المنال، حيث تجاوزت أسعار التحاليل حاجز 200 جنيها فيما تجاوز ثمن الرنين المغناطيسي و خلافه من الفحوصات حاجز الـ 1000جنيه هذا بالاضافة لأسعار الدواء المرتفعة». و أضاف قائلا: «أنا قلقان إن الأعشاب كمان سعرها يرتفع يعنى كفاية علينا رجعنا نتعالج بطرق القرن الـ١٨».

كتبت هدى شهاب :

“زهوة” في جولة بأحد أسواق الأعشاب

السابق
القانون الذي يحكم المواريث و الوصية و سائر التصرفات المضافة .
التالي
هل توجد أنواع مختلفة من السعادة؟؟ و كيف نكون سعداء؟؟

اترك تعليقاً