بقلم :الكاتب الصحفى العارف بالله طلعت
الكذب الأبيض !!
الكذب من الأخلاق السيئة التي نهى عنها الإسلام كما أن المجتمع يرفض هذا الخلق البذيء ويعتبره من الخصال التي تسبب انحدار صاحبها إلى أدنى درجة من درجات الأخلاق فالكذب يرتبط بالعديد من الأخلاق السيئة الأخرى، ويعتبر مفتاحاً لها ومكملا أساسياً لانتشارها لذلك جاء تحريمه في العديد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة.
بالإضافة إلى أن له الكثير من الآثار السلبية سواء على الفرد أو على المجتمع وقد ربطه الرسول عليه الصلاة والسلام بالنفاق إذ ورد في الحديث الشريف:
(آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان).
ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:( إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار).
وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله فيستحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكة إن لم يتداركه الله بدواء الصدق يقلع تلك المادة من أصلها.
ولهذا كان أصل أعمال القلوب كلها الصدق وأضدادها من الرياء والعجب والكبر والفخر والعجز والكسل والجبن والمهانة وغيرها أصلها الكذب.
فكل عمل صالح ظاهر أو باطن فمنشؤه الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب. والله تعالى يعاقب الكذاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ولا مفاسدهما ومضارهما بمثل الكذب.
قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) .
يعتبر الكذب من أكثر وسائل نشر الفتنة بين الناس كما أنه يخفي الحقائق ويعمل على تضليلها ويتسبب في وقوع الظلم على الآخرين ويوجب سخط الله سبحانه وتعالى وعقابه فالكاذب محروم من رضى الله لأنه يعتبر بمثابة شاهد الزور الذي يقول عكس ما يرى أو يعرف كما أنه يجلب لصاحبه قلة الهيبة لأن الناس يمتنعون عن تصديقه ولا يأخذون بشهادته أبداً حتى لو قال شيئاً صادقاً فيما بعد فلن يصدقونه وهذا من أكبر أنواع العقاب التي يتلقاها الكاذب.
يساهم الكذب في نشر البغضاء بين الناس لأنه يتسبب في وقوع الكثير من المشاكل كما أنه يسبب الخسارات بكافة أنواعها سواء كانت خسارات مادية أومعنوية فالذي يكذب في تجارته مثلاً يسبب الأذى للناس في أموالهم والذي يكذب في مشاعره تجاه الآخرين يتسبب في كسر القلوب والخواطر ولا يكون الكذب فقط على الناس فالبعض تصل بهم الدناءة أن يكذبوا على الله ورسوله وهذا من أعظم أنواع الكذب لأنه يغمس صاحبه في جهنم.
يمكن للكذب أن يهدم البيوت العامرة وأن يشتت الأسر وأن يهدم العلاقات بين الناس فآثاره السلبية لا يمكن حصرها فالكثير من الموازين انقلبت بسبب كذبة صغيرة كما أن الكثير من الأشخاص تشوهت لديهم مفاهيم الحياة بسبب التقائهم بأشخاصٍ كاذبين لذلك يجب محاربة هذا الخلق السيء وتجنبه بشكلٍ تام والتزام الصدق في الأقوال والأفعال والابتعاد عن الكذب مهما كانت الكذبة صغيرة فالكذب هو الكذب ولا يوجد كذب أبيض أو أسود.
كما لا يجوز الكذب حتى أثناء المزاح لأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو قدوتنا لم يكذب في أي حديث قط وكان صادقاً قولاً وفعلاً.
حتى أن لقبه قبل أن يبعث بدعوة الحق كان “الصادق الأمين” لأن الصدق منجاة من كل شر. وجبل شامخ لا تثنيه الريح أبداً.