عام

من هو الشخص الحشري..؟

 من هو الشخص الحشري..؟

الفضول والتطفل وجهان لعملة واحدة متعاكسان متناقضان في نواحي المقصد بين التوغل ما يدور في آخر تطورات بعض الأشخاص والإصرار لمعرفة أتفه وأدق التفاصيل لإشباع وملئ الملل بمادة الإنشغال بأحوال الناس، وبين ما هو مرغوب لدفع الناس عن الوقوع في المخاطر والضرر مما يجعل القضاء والتصدي لهما صعباً فهما داء بلا دواء قد أنتشر، أرست جميع أشرعت المتطفل اللحوح على ميناء تنبعث وتضخ منها شتى الأسئلة الهائلة فلم ولن تتصدى لها سدود خصلتي الحشمة و العفة لتكن مانعة .

وعند البحث والتفكر والتمعن في دلائله ومضامينه لا يعطي إقناعا دوماً لصاحبه وخاصة في الدواعي الشخصية البحتة وقد يكتفي بأنه تلقى معلومة من الطرف الآخر بالضغط أو القسر بغض النظر هل تحمل في طياتها الكثير من المحذورات أو المبيحات فلا توجد كلمة رد ناجعة عن إعادة التطاول مجدداً في الإستفسار المقرف غير المرغوب به ولا يمكن قبوله كمحل ترحيب دائما بإكتسابه صفة الذميم غير اللائقة، لذا وجب البعد والتهرب تفاديا لتطفل الإستفسارات المهلكة لم نجد لها طرقا للتصدي ولا أساليب مكافحة .

جميعنا نعاني نقصا وفقدا للمعرفة نبحث عنها في كل مكان وقد نستعين من بني أجسادنا من البشر وأحيانا جميعنا نلجأ للبحث عنها من مصادر أخرى متعددة ، عند تعذر إيجادها في سبيل الحصول على المعلومة المجدية في العلم و المعرفة، بعد ذلك غيرت مسارها لتسلك منعطفا للجوانب السلبية فنرى توضيفها إستغلالا للتفتيش في خصوصيات البعض بإستخدام طرق بديلة في شغف الإستطلاعات الإستكشافية تحت غطاء من دواعي الحرص عليه وعلى مستقبله كي تحصل على إجابات تمت مطابقتها ومقاربتها للواقع وتعد هذه إحدى أسلحة المتطفل المذموم مما يجعل الخجول أكثر عرضة له ولا يمتلك دفاعات لصده مضادة فاعلة .

النفس قد يساورها الخجل أحياناً مترددة مستفسرة عن حدث ما تملكها التشويق في معرفة حدث ما طرأ لكن ردة فعل الطرف الآخر جعلت منها خطا أحمر لا تتجاوزه. لو كانت طفلا لعذرت نفسها لربما عمرها الصغير يتحتم عليها الفضول الجامح للكشف عن كل التفاصيل وقد أشبعت تلك المرحلة من العمر كومة دسمة في أدق التفاصيل وصلت لحد التخمة، لم تستفد إطلاقا بالتوازي مع نمو عمرها مع كافة مراحله من الإستفسار المثقل من هذا أو تلك تارة تعترض طريقها صيحات التوبيخ وأصوات تنهر لتمنع رادعة. تمادت في التطفل والتنصت وظفت جميع أوقاتها لعمل رحلات إستطلاعية لمعرفة كل مايدور حولها تعدت أسوارا ونوافذ بدون طرق أبواباً ولا إستئذانا كسرت قواعد الخصوصية وأجتاحت جميع فضاءات الناس بدون تكتم ولا حفظا للأسرار مرة تتموه بألوان الضيف الزائر و تارة أخرى بتردد الجار السائل عن الأحوال يعيد ويتكرر فهو كالهوائي يلتقط جميع الإشارات ثم يعيد بثها على جميع الترددات.

 من هو الشخص الحشري..؟
من هو الشخص الحشري..؟

بين التجسس في الخفاء والتطفل المعلن وبين ماهو مرغوب ومذموم في طرح النقاش تبقى أوجه الألفاظ في حسن الإنتقاء والإختيار بحيث لا تتعدى أطر المبتغى في معرفته كالإطمئنان عليه، ولا التوغل المفرط حفاظاً على إقتحام خصوصيته..

(( ولا تقف ماليس لك به علما إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا))

سورة الأسراء – الآية (36)

محسن الحاتمي – سلطنة عمان

السابق
الكاتبة زينب السيد حسن “أميرة الصمت”
التالي
شارع الشواربي

اترك تعليقاً