الفن في تونس
الفن في تونس
بقلم / خالد راشدي
الفنّ في تونس :
يصدعنا إعلامنا اليوم بأنواع شتّى من الأعمال الفنّية التّلفزية لقيت العديد من الرّدود عليها و في مقدّمتها مسلسل “فلّوجة” حيث بادر العديد بالسّباب و الشّتائم لمخرجي هذا العمل و يعود هذا إلى الإنفعال الشّديد كما دافع عنه الكثير من الغارقين في الحمق و الجهل و بلادة الفكر ، هذه الثّنائية المتناقضة تطرح جملة من الأسئلة الحارقة و الملحّة كنوع العمل ؛ هل هو عمل فنّي؟ إذا كان كذلك يجب أن يتقيّد بمقوّمات الفنّ و إن لم يكن كذلك فلا يستحقّ التحاور و النّقاش فيه بل علينا أن نرميه في صندوق المهملات .. و ليس لسائل أن يسأل عن طبيعة و نوع الفنّ الذي يفتح مجراه على غير مجرى العادة و يتشكّل و هو يصنع الإعجاب و الجمال و الإبداع و هذه الثّلاثية البديعة هي التي تؤسس لكلّ عمل فنّي ناجح و عظيم ؛ هذه الأخيرة هي الوحدة التي نقيس بها مدى نجاح العمل الفنّي أو فشله ، هذا الذي يحملنا من الإهمال إلى الإلهام .
التّمثيل هو وجه من وجوه السّينما و هو رسم بالصورة التي تصنع صدق المشهد المدهش و يتشكّل اِبداعا و ٱبتداعا فلا يحاكي الواقع كما يزعم المتطفّلون بل من صلب ذاك الواقع المتعفّن المؤلم يخلق المبدع واقعا بديلا في الأفق يتشكّل حلما جميلا لمن آلمتهم الحياة و جرحتهم ، لذلك يمكن القول أنّ العلم هو اليوم و الفنّ غدا لأنّ الفنّ من قلب المأساة يرسم أملا للنجاة .
العمل التلفزي الرمضاني التّونسي و في مقدّمته مسلسل ” فلّوجة” هو ليس عملا فنّيا بقدر ما هو شريط وثائقي مشوّه يرسم واقعا أسود و لا يرسم أمنية في الأفق.. بعيدا عن الإنفعال و التّعصّب المسألة تقتضي وعيا ثقافيا مميّزا عليه يُقاس نجاح العمل من فشله و من خلال ما وقع بات واضحا أن صاحب العمل جاهل راهن على جهلة مثله في بلد الجهل و الجهالة و الوعي المبتور و العقل المقبور .