لماذا لم يذكر الله النساء في القرآن
((شبهة والردّ عليها بستة أمور))
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فمن أشهر الشبهات التي تحاك وتساق ضد القرآن الكريم أنه كتابٌ ذكوري لم تذكرُ فيه النساء إلا قليلا، مستدلين على ذلك بطريقة الخطاب {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، { وَمِنَ النَّاسِ}، {أبويه]…وهكذا، وهذا كلامٌ مجافٍ للحقيقة ومخالفٍ للواقع، وينمّ عن جهلٍ عميقٍ بكتاب الله (عزّ وجلّ) ممنْ تفوه به، بل يوضح أن ذلك الشخص لم يفتح كتاب الله (عزّ وجل)، ولم يقرأه مرة كاملة في حياته أو لم يقرأه بالمرة، كالتالي:
أولًا: هناك العديد من أسماء السور في القرآن الكريم سميت بأسماء أنثوية، كسورة النساء، وسورة المائدة، وسورة التوبة، وسورة مريم، وسورة السجدة، وسورة الصافات، وسورة الجاثية، وسورة الذاريات، وسورة الواقعة، وسورة المجادلة، وسورة الممتحنة، وسورة الجمعة، وسورة الطلاق (سورة النساء الصغرى)، وسورة الحاقة، وسرة القيامة، وسورة المرسلات، وسورة النازعات، وسورة الغاشية، وسورة الشمس، وسورة البينة، وسورة الزلزلة، وسورة العاديات، وسورة القارعة، وسورة الهمزة.
ثانيًا: القرآن الكريم مليء بالشخصيات النسائية، ففيه ذكرٌ إما صراحة وإما بالإشارة لكل من: زوج آدم (حواء)، ومريم بنت عمران، وأمها (حنة بنت فاقوذا)، وامرأة العزيز (زليخة)، ونسوة المدينة في مصر، وأم موسى (يوكابد)، وأخت موسى، وزوج موسى (عليه السلام) (صفورا) وأختها، وامرأة الفرعون (آسية)، وزوج يحيى (عليه السلام) (اليصابات)، وامرأة نوح وامرأة لوط (عليهما السلام)، وملكة سبأ (بلقيس)، وبنات لوط، وسارة وهاجر (زوجتي إبراهيم عليه السلام)، زوج أيوب (عليه السلام) (ليا)، زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) (خديجة، عائشة، حفصة، زينب بنت جحش، أم حبيبة)، المرأة التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وسلم)، المرأة المجادلة (خولة بنت ثعلبة)، المرأة التي نقضت غزلها (ريطة بنت سعد)، حمالة الحطب زوج أبي لهب (أم جميل بنت حرب)، السيدة فاطمة الزهراء (رضي الله عنها) بنت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولم يذكر من كل هؤلاء النسوة صراحة إلا السيدة مريم بنت عمران.
ثالثًا: القرآن الكريم ذُكر فيه أقارب الشخص من النساء من جهة النسب، كالأم، والبنت، والزوجة، والأخت، والعمة، والخالة، ومن جهة الرضاع، كالأخت من الرضاعة، والأم من الرضاعة، ومن جهة المصاهرة كالربيبة، وأخت الزوجة، وحليلة الابن…وهكذا.
رابعًا: كما أشار القرآن الكريم إلى كثير من الشخصيات النسائية ذكر كثيرًا من
لأوصاف النسائية، ففيه ذكرٌ للصالحات، والمسلمات، والمؤمنات، والقانتات، والصادقات، والصابرات، والخاشعات، والمتصدقات، والصائمات، والحافظات لفروجهن، والذاكرات لله كثيرًا، والمحصنات، والثيبات، والأبكار….وهكذا، وبعض هذه الأوصاف النسائية ذُكر أكثر من الأوصاف الذكورية ككلمة (الصالحات) ذُكرت اثنتين وستين (62) مرة، بينما ذُكرت كلمة (الصالحين) ستًا وعشرين (26) مرة,
خامسًا: التعبير بلفظ {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، { وَمِنَ النَّاسِ}،{أبويه}…وهكذا ليس مقصودًا به الذكور فقط، وإنما يقصد به الذكر والأنثى عُبر عنهما بلفظ المذكر وهو أسلوبٌ من أساليب الخطاب في اللغة العربية يسمى (التغليب)، وحقيقته إعطاء الشيء حكم غيره، اختصارًا في الألفاظ، فالبلاغة الإيجاز. وقيل: هو ترجيح أحد المغلوبين على الآخر لشرفه ومكانته، أو لكثرة استعماله والاحتياج إليه، أو لشهرته…وهكذا، أو إطلاق لفظة عليهما إجراء للمختلفين مجرى المتفقين، وهو أنواعٌ متعددة.
والقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين فلا حرج في استخدامه أساليب اللغة العربية ومنها أسلوب التغليب، كما أن هذا الأسلوب متواجدٌ في أحاديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، قال (صلى الله عليه وسلم): (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه)، فهذه الأصناف تنصرف للنساء كما هي مصروفة للرجال بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) (رواه الترمذي)، وكذلك كل ما ورد في القرآن الكريم إلا ما كان مختصًا بأحدهما بدليل.
سادسًا: فلننظر إلى تلك الإحصائية والمقارنة البسيطة لذكر كل من كلمتي (أنثى) و (ذكر) في القرآن الكريم) وما تصرف منهما:
1. كلمة (أنثى) ذُكرت ثماني عشرة (18)، بينما ذُكرت كلمة (ذكر) اثنتي عشرة مرة (12).
2. كلمة (انثيين) ذُكرت ست مرات (6)، بينما ذُكرت كلمة (ذكرين) مرتين (2).
3. 2. كلمة (إناثًا) ذُكرت ست مرات (6)، بينما ذُكرت كلمة (ذكور) مرتين (2)، وكلمة (الذكران) مرة واحدة (1)، وكلمة (ذكرانًا) مرة واحدة (1).
والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب
مواضيع أ أخرى للمجلة
كيف تكون دائما على ثقة في الله؟ ((الله أمرك بهذا))
مات الحب…..كثرت التهكمات وبدا في ذاته ديكتاتور