التعليم

لماذا كان عقوق الوالدين ندامةً في الدنيا والأخرة؟

لماذا كان عقوق الوالدين ندامةً في الدنيا والأخرة؟

(خطورة عقوق الوالدين وأضراره)

الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:

((معنى العقوق والمراد به))

فإن كلمة (عقوق) مشتقةٌ من (العقّ) وهو الشق والقطع، ولذا سميت الذّبيحة الّتي تذبح عن المولود بــ (العقيقة) يقطع ويشقّ حلقها وأعضائها، وقيل: هي مأخوذة من العقيقة بمعنى الشّعر الّذي يخرج على رأس المولود من بطن أمّه؛ لأنّه يحلق أيضًا ويقطع.
والمراد بالعقوق في الشريعة الإسلامية: هو إيذاء الولد والديه أو أحدهما بالفعل أو بالقول ولو بكلمة (أف)، أو مخالفة أمر والديه أو أحدهما فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه…الخ ما لم يتّهم الوالدين بالتعنت في ذلك، أو أن يخالف في سفر يشقّ على الوالد وليس بفرض على الولد، أو يخالف في غيبة طويلة فيما ليس بعلم نافع ولا كسب، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء:24،23].

ووصفت مخالفة الوالدين وإيذائهما بــ (العقوق)؛ لأن فيها شقٌ وقطعٌ لأمرهما، وهي تعدّ من كبائر الذنوب لنصّ النبي (صلى الله عليه وسلم) على ذلك، ولقرن العقوق بكبائر الذنوب، وللتوعد عليه بالعذاب الشديد في الدنيا والأخرة، فقد ذكر (صلى الله عليه وسلم) الكبائر فقال: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قَالَ: قَوْلُ الزُّورِ، أَوْ قَالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ) (متفق عليه).
((خطورة عقوق الوالدين وأضراره))

عقوق الوالدين ندامة عظيمة وحسرة كبيرة في الدنيا والأخرة لما فيه من أضرارٌ وأخطارٌ بعضها في الدنيا، وأخطرها وأعظمها في الأخرة، وقد جاءت أضراره وأخطاره في الشريعة الإسلامية كالتالي:

1. عقوق الوالدين نوعٌ من ضرب عرض الحائط بآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) اللذين حضا وحثا على برّ الوالدين والإحسان إليهما، وكان العاق لوالديه شبيهًا بالمكذب لآيات القرآن الكريم، وأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين، ولا ننس قول الله (عزّ وجلّ) إذا كانت العبرة في القرآن الكريم بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}[الفرقان:30]، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى*قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا*قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}[طه:124ـ126].

2. عقوق الوالدين سببٌ من أسباب محق البركة (في المال، العمر، الولد، العلم…الخ) وذهابها وضياعها في الدنيا، قال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (رواه أحمد)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مَا شَاءَ مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَجِّلُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ) ( مستدرك الحاكم).

3. عقوق الوالدين يستجلب سخطهما على ابنهم دنيا وأخرة، وسخطهما يستجلب سخط الله على العبد دنيا وأخرة، كما أن رضاهما من رضا الله (عزّ وجل)، قال (صلى الله عليه وسلم): (رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ) (رواه الترمذي).

4. عقوق الوالدين يعرض الولد لدعاء والديه عليه، ودعائهما مستجابٌ ولو كان بغير وجه حق، قال (صلى الله عليه وسلم): (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ) (رواه أبو داود).
5. برُّ الوالدين والإحسان إليهما بابٌ من أبواب الجنة، والعقوق يضيع هذا الباب يوم القيامة، قال (صلى الله عليه وسلم): (الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ) (رواه الترمذي)، قال (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَلِجُ حَائِطَ الْقُدُسِ (الجنة) مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَلَا الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَلَا الْمَنَّانُ عَطَاءَهُ) (رواه أحمد).

6. عقوق والوالدين حسرة وندامة لما يترتب عليه من فوات الثواب العظيم والأجر الكريم لبر الوالدين والإحسان، ولا ننس قول الحق تبارك وتعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}[الفرقان:27]، فالآية تفيد تحسر الظالمين بسبب ما رأوه من النعيم المقيم والأجر العظيم الذي فاتهم، ولا شك أن العاق لوالديه ظالم لنفسه ولوالديه، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقدم.

7. عقوق الوالدين يعدُّ إنكارًا لفضلهما وهو في نفس الوقت إنكارٌ لفضل الله (عزّ وجلّ)، فعن ابن عباس (رضي الله عنهما): (ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا. إحْدَاهَا: قَوْله تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النساء:59] فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَلَمْ يُطِعْ رَسُولَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:43] فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكِّ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان:14] فَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) (الزواجر)

لماذا كان عقوق الوالدين ندامةً في الدنيا والأخرة؟

والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب
تابع مواضيع أ أخرى للمجلة

الإسلام دين الطهارة والنظافة

كيف نطبق حقوق الجيران في واقعنا المعاصر

فوائد زيت الخروع —خبيرة التجميل تيسير فهمى

9 فوائد صحية لزيت “الأفوكادو” .. تجعله ينافس “زيت الزيتون”

السابق
فوائد زيت الخروع —خبيرة التجميل تيسير فهمى
التالي
الشروط الواجب توافرها في الحضانه من النساء

اترك تعليقاً