كيف تؤثر” الفوضى” على صحتنا العقلية و حياتنا اليومية؟؟
5 خطوات للتخلص من الفوضى المادية في منزلك
كتبت:هدى شهاب
أطباق في المغسلة، و أكوام من الغسيل المتسخ مكدسة، والبطانيات والوسائد على الأرض ، والخزائن في حالة من الفوضى، و الكثير من الخردة في المرآب،وعدد لا يمكن التغلب عليه من العناصر غير المستخدمة المُخزنة في جميع أنحاء المنزل ؟.. نحن نعيش في ثقافة مادية حيث يُعلمنا المجتمع أنه كلما زاد عدد الأشياء التي لدينا سنكون أكثر سعادة، في حين أن هذه الفوضى في الواقع يمكن أن تسبب ركودًا للطاقة والكثير من الضغط النفسي. فوفقاَ لموقع ” فيري ويل مايند Very Well Mind ” المعني بـ”الصحة العقلية و النفسية” فإن دوافع الإستهلاك الغير منضبط، والتعلق العاطفي بالأشياء ،كالتذكارات و الحاجة إلى التمسك بذكريات الماضي هي بعض الأسباب العديدة التي تجعلنا نميل إلى بث عواطفنا في ممتلكاتنا فيكون التخلص من الأشياء أمرًا مؤلمًا ويمكن أن يكون ممثلاً لنسيان الماضي والتخلي عن مستقبلنا، لذلك غالبًا ما نتمسك بالأشياء على أمل أن تصبح مفيدة في يوماً من الأيام و لكنها في الواقع لن تُفيد بقدر ما ستزيد من إجهادنا العقلي والعاطفي.
عام 2014 أصبح الكتاب الياباني عن فن التنظيم و التنسيق “سحر الترتيب” هو الكتاب الأكثر مبيعًا و هو الذي أدى لاحقاً إلى السلسلة الشهيرة التي انتجتها قناة “نتفلكس”،”Tidying Up with Marie Kondo ” ،و هى سلسلة من الإصلاحات المنزلية الملهمة حيث تساعد “ماري كوندو”، خبيرة التنظيم المعروفة عالميًّا العملاء على الابتعاد عن الفوضى واختيار البهجة.و قد لاقت السلسلة نجاحاً كبيراً خاصة و أن الكثير من الناس تعيش في فوضى مادية يمكن أن تؤدي بهم إلى التعاسة والتوتر وحتى الاكتئاب، فربطت سلسلة “ماري كوندو” بين البهجة و الترتيب.. من هنا “زهوة” تتعرف معكم عن الأسباب النفسية للفوضى و علاقتها بالحزن و الضغوط النفسية و كيف تؤثر الفوضى على صحتنا العقلية و تجعلنا غير قادرين على العطاء و الابداع..
ما هى الفوضى؟
عادة ما يتم تعريف “الفوضى” على أنها المكان الغير مرتب أو المليء بالأشياء التي توجد في مكان غير مكانها المعروف، فتُشير إلى حالة من الارتباك و عدم التنظيم، ولكن الفوضى ليست عدم التنظيم فقط و لكن هناك شكل آخر لـ “الفوضى” و هو يكمُن في تكديس أشياء لا فائدة أو نفع منها، كالمزهريات المكسورة، والملابس التي لم تعد مناسبة، و البرطمانات الفارغة التي تملئ مطبخك و غيرها ..،عادة ما يطلق “الطب النفسي” على هذا النوع من الفوضى إسم “الإكتناز القهري” أو “التكديس القهري”، وهو إضطراب نفسي يحرص فيه الشخص على الاحتفاظ بكل مقتنياته و يُخزن كميات هائلة من الأشياء عديمة القيمة بشكل فوضوي، حتى تصل إلى درجة تعيق صاحبها عن ممارسة حياته الطبيعية سواء في المنزل أو العمل.
ومع ذلك،فالفوضى هي أكثر من عدم الترتيب والكثير من الأشياء المادية ، حيث يمكن أن تكون الفوضى “عاطفية أو عقلية” ، إذا جاز التعبير..فعلى الرغم من أننا غالبًا ما نفكر في أن الفوضى هى “أشياء مادية”،إلا أن الفوضى يمكن أن تكون “عقلية و عاطفية” يمكنها أن تحتل مساحة غير ضرورية في عقولنا مثلما تحتل الفوضى المادية مساحة من غرف نومنا و مكاتبنا، فـ” الأفكار القديمة و العلاقات السامة و العادات السيئة،و الأفكار الغائمة ، والعلاقات الفوضوية، والديون المالية غير المسددة، أو أي “شيء” آخر ممكن أن يعيق تفكيرك يعد من أنواع الفوضى..
متى تؤدي الفوضى إلى الاكتناز؟؟
هل يمكن أن تصبح الفوضى هوسًا؟؟، نعم في بعض الأحيان قد نجد أنفسنا محاطين بالكثير من الأشياء التي لا يمكننا تحمل التخلص منها لأن لها نوعًا من القيمة العاطفية فنتخيل أن تلك الأشياء يمكنها أن تجلب لنا الرضا في المستقبل!!،يتميز “اضطراب الإكتناز” بعدم قدرة الشخص على التخلص من الممتلكات بغض النظر عن قيمتها أو نفعها. أولئك الذين يتعاملون مع اضطراب الاكتناز يجدون صعوبة أيضًا في تنظيم ممتلكاتهم، سيحفظ الأفراد المصابون باضطراب الاكتناز عناصر عشوائية ويخزنونها دون أي نوع من النمط التنظيمي لدرجة أن بيئتهم يمكن أن تصبح خطرة في معظم الحالات، سيحفظ الأفراد المصابون باضطراب الاكتناز العناصر التي لها قيمة عاطفية أو أشياء يشعرون أنهم سيحتاجون إليها في المستقبل. يمكن أن يتسبب “الاكتناز القهري” في مشاكل في كل جانب تقريبًا من جوانب الحياة اليومية للشخص ، بما في ذلك العلاقات الرومانسية و الالتزامات المهنية والالتزامات الاجتماعية على حدٍ سواء.
العواقب السلبية للإكتناز؟؟
تشمل العواقب المحتملة للاكتناز الخطير مخاوف تتعلق بالسلامة والصحة ، مثل مخاطر الحريق، ومخاطر التعثر وانتهاكات قانون الصحة. كما يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تعارض العلاقات والعزلة وعدم القدرة على أداء الأعمال اليومية مثل الطهي والاستحمام. يُظهر الشخص الذي يحب الإكتناز عدة صفات منها ما يلي: “عدم القدرة على التخلص من الممتلكات، القلق الشديد عند محاولة التخلص من الأشياء، صعوبة تنظيم الممتلكات، القلق أو الإحراج بشأن عدد الممتلكات الشخصية، الخوف من نفاد عنصر ما أو الحاجة إليه في المستقبل، بما في ذلك فقدان مساحة المعيشة، و العزلة الاجتماعية، والخلافات الأسرية أو الزوجية، والصعوبات المالية”، ليس كل شخص يعاني من فوضى في منزله مصاب بـ”اضطراب الاكتناز” ولكن من الصعب التحدث عن عواقب الصحة العقلية المرتبطة بالفوضى دون معالجة الاكتناز..
تأثير الفوضى على الصحة النفسية؟؟
تقول الطبيبة النفسية و مدرب الرعاية الذاتية ، “إليانور براون” في أحد مقالاتها بـ” journal of Mental Health ” :” الفوضى بأنواعها سواء كانت (مادية ،عقلية أوعاطفية) يمكن أن تسهم في عدم القدرة على التفكير بوضوح، مما قد يساهم في التوتر وانخفاض الطاقة و القدرة على الإبداع و التطوير، فالفوضى تجعل من الصعب إنجاز الأشياء، والعثور على ما تحتاجه بسهولة، و تمنعك من العيش بطريقة منظمة وفعالة.فعندما نقضي وقتًا كل يوم في البحث عن مفاتيحنا أو في محاولة العثور على ثيابك أو زوج واحد من الجوارب، يمكن أن يشعرنا هذا بالقلق والتوتر، مما يسمح لهذه الطاقة السلبية بالتراكم بمرور الوقت. كما أن قضاء الوقت للعثور على شيئاً ما يؤدي إلى ضياع بعض الوقت بعيدًا عن المهام الأخرى الأكثر أهمية كالذهاب مبكراً إلى العمل أو إنجاز مهمةً ما”.
و تتابع “براون” قائلة:”عندما تصبح الفوضى المادية مفرطة، يمكن أن تهدد بإيقاع الفرد عقليًا في بيئة منزلية مختلة و غير صحية للنفس و الروح، و هو ما يساهم في الضيق النفسي للشخص ومشاعر النزوح والوحدة، فالمنزل لكل شخص هو ملاذ آمن للراحة لذا يجب أن يكون منزلك ملاذك، حيث يُمكنك قضاء بعض الوقت للاسترخاء فيه فترتاح نفسك و عينك كلما نظرت ، ولكن عندما يكون منزلك مليئًا بالفوضى و الأشياء المكدسة هنا و هناك ، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بأن منزلك هو عدوك وليس ملاذك ، مما قد يؤثر سلبًا بشكل عام رفاهيتك و راحتك النفسية”.
كيف يمكن للفوضى أن تؤثر على حياتك الاجتماعية؟؟
عندما يكون لدينا منزل مليء بالفوضى، قد نواجه صعوبة في استخدام هذه المساحة للقيام بأشياء نتمتع بها مثل ممارسة “اليوغا” أو “الإيروبكس” او أي “صناعة يدوية”. قد نشعر بالحرج أيضًا من دعوة الضيوف مما قد يؤثر بشكل كبير على حياتنا الاجتماعية مما يخلق مشاعر الوحدة وعدم الكفاءة.
إذا وجدت نفسك تواجه مشكلة في التخلص من الأشياء أو تشعر بالإرهاق من كمية الأشياء الموجودة في منزلك ، فمن المحتمل أنك تعاني من “الإكتناز القهري” و يتوفر خياران علاجيان عادة هما العلاج السلوكي الإدراكي CBT والعلاج الدوائي، ويفضل الخيار الأول على الثاني عادة، خصوصًا إذا توفر معالج نفسي يزور المريض في بيته ويساعده على التخلص من مرضه وتنظيم حياته
نصائح لإزالة الفوضى من حياتك
قد نقضي ساعات أو أيامًا أو حتى أسابيع في إعداد قوائم المهام وشراء الصناديق التنظيمية للمساعدة في إدارة تلك الفوضى ولكن هذا لا يساعدنا حقًا ،لذا هناك أسئلة لابد و أن نطرحها على أنفسنا قبل إزالة الفوضى من حياتنا و من ثَم نبدأ في إزالة الفوضى بعدة خطوات، خاصة و أن الأمر لا يتعلق بـ “الأشياء” ولكن يتعلق بالأسباب الكامنة وراء وجود هذه “الأشياء”، فإذا إستطعنا الإجابة عن أسئلتنا فسنعرف كيف نتخلص من الفوضى لا شك، ( لماذا هذه الفوضى و لماذا تطغى على حياتي؟، لماذا أتمسك بهذه الأشياء؟، كيف تمنعني هذه الفوضى من المضي قدمًا في حياتي؟، هل الفوضى تجعلني أشعر بالضيق؟،هل هناك فوضى أديرها ولا تخدمني غرضًا؟، هل أشعر بالقلق في منزلي لأن لدي الكثير من الأشياء؟،ما هي الخطوة الأولى التي يمكنني اتخاذها للقضاء على هذه “الفوضى”؟
5خطوات للتخلص من الفوضى المادية في منزلك
فيما يلي قائمة بخمس طرق يمكنك من خلالها تقليل كمية الفوضى في مساحة المعيشة الخاصة بك.
1. تخلص من القمامة
قم بزيارة كل غرفة في منزلك وتخلص من الأوراق ومستحضرات التجميل والطعام المنتهي الصلاحية والأدوات المكسورة. يمكنك التبرع بأي شيء ذي قيمة لا تستخدمه أو إعادة تدويره.
2. تقليل وإعادة التدوير
إذا كانت لديك ملابس لا تناسبك،أو أحذية لا ترتديها أبدًا ،أو أثاثًا يشغل مساحة كبيرة جدًا،أو أي شيء آخر لا يجلب لك قيمة ولكن يمكن أن يستخدمه الآخرون ، أو تبرع به ، أو بيعه. من القواعد الأساسية الجيدة أنه إذا كان لديك شيء في خزانتك لم ترتديه أو تستخدمه في غضون عام ففكر في التبرع به.
3. افصل خزانة ملابسك حسب الموسم
الخزانة الفوضوية كارثة تجعل غرفتك غير مريحة للنفس و فوضوية، كما تُصعب عليك إيجاد ملابسك بالسرعة التي تريدها،لذا قم بتقسيم خزانتك وفقاً للملابس الأكثر إستخداماً و ضع بها صناديق تنظيمية لفصل قطع الملابس عن بعضها فيسهل اختيار القطع المناسبة، هذا سيجعل اختيار الملابس التي ترتديها أسهل بكثير، كما يمكنك تخزين جميع العناصر خارج الموسم في صناديق تحت السرير أو في حقائب تخزين بلاستيكية و عندما تتغير الفصول يمكنك ببساطة تبديل خزانة ملابسك.
4. تجنب شراء مضاعفات الأشياء
من المغري “تخزين الأشياء” عندما تكون معروضة للبيع ضمن عرضٍ ما ولكن في الواقع ، هل تحتاج حقًا إلى العديد من صناديق مناديل الحمام دفعة واحدة؟ اشترِ ما تحتاجه في ذلك الوقت لتجنب الفوضى في منزلك.
5. قم بتنظيف خفيف كل يوم
حاول قضاء 10 دقائق يوميًا في الترتيب. قد يعني هذا تنظيف المرحاض أو إفراغ غسالة الأطباق أو تنظيف غرفة واحدة في منزلك..من خلال قضاء 10 دقائق كل يوم في التنظيف ، ستكون قادرًا على مواكبة الأعمال المنزلية دون الشعور بأن عليك قضاء ساعات طويلة للتنظيف في أجازة نهاية الإسبوع ..سيؤدي هذا إلى زيادة احتمالية أن يكون لديك أشخاص أكثر من مرة وستستمتع حقًا بمنزلك، عيش كما لو كنت تقدر حقًا ملاذك الجميل الجديد وستكون على الأرجح أكثر احتفاظًا به.