الكرسيّ المتحرّك
محسن الحاتمي
نعم، إنك الكرسي المتحرك، ما تزال ترافقني، عاهدتني، لم تخُنّي يوماً، لم تتخلف عن مرافقتي يوماً، لقد أقسمتَ بملازمتي ليلاً نهاراً، صيفاً شتاءً، مسروراً كنتُ أو حزيناً، معافىً أو مريضاً، مسافراً أو مقيماً.
نعم، إنه الكرسي المتحرك، الصديق الوفيّ المخلص، عندما أعطيه أمراً بالمواصلة أو التوقّف، لن يعصي لي أمراً أبداً.
هل عرفتم حينها أنه الكرسي المتحرك؟ حقا؟
لقد اصطحبتكَ في كل مكان، رفيق دربي، وأرجلي المستعارة، لقد أطلتُ عليك الجلوس، فلم تسأم أو تتضجّر، ولم تتعثّر إلا عند العطل المدمّر.
عجلاتكَ هي بمثابة دينامو التحفيز والدافع للوصول إلى الوجهة المنشودة، والاتجاهات المقصودة.
عندما تتعثر، فإني أعيدُ صيانتك، وأستبدل غياراتك.
وعندما تنتهي خدماتك أقوم باستبدالك، وأحتفظ في متحفي بذكرياتك، هل عرفتم من أنا؟ نعم، إنه الصديق الوفي الذي لا يفارقني رمشة عين، ولن يتخلّى عنّي يوماً مهما حاولت.
بوجودك معي، لم تتوقف أنشطتي، حقاً، لقد أحببتك أيها الكرسيّ المتحرك، قد يتخلى البشر -ذوي الأحاسيس والمشاعر- عني يوماً ما، ولكنّكَ لم ولن تتركني وحيداً، رغم أنك جمادٌ، وتختلف عن البشر.
يا صديقي المُخلص الوفيّ، مُدّ لي يديك؛ كي أبرم معك عقداً واتفاقاً مدى الحياة.
خاطرة أو مبعثرات أو آهات ….إلخ
مواضيع اخرى للمجلة.
عمارة “تريستا”.. زخارف إسلامية في قلب القاهرة
الحفر على الخشب..إبداع سوري وأصالة متوارثة